لا شىء مثير للغضب والحيرة مثل الحادث الإرهابى الذى وقع فى سريلانكا، أمس الأول، صبيحة عيد الفصح، وراح ضحيته المئات قتلى وجرحى، فقد فجرت الكنائس بينما الفقراء يقيمون الصلاة فى بداية أسبوع الآلام الذى يبدو أنه سيستمر طويلا.
وفى الوقت نفسه كان عدد من الفنادق ينتفض جراء ما وضعه الإرهابيون فى قلبها من متفجرات كشفت عن الكثير من الحقد والكراهية المبثوثة فى أرواح هؤلاء القتلة الذين فقدوا كل إنسانية متبقية.
رحت أسأل نفسى: ما الذى أراده الإرهابيون من وراء هذ التفجيرات؟ لا شىء واضح، حتى الآن، المسيحيون فى هذا البلد أقلية، والحالة الدينية تقول لك، إن أهل سريلانكا يمارسون عددا من الأديان المتنوعة، وحسب تعداد عام 2011 كان 70.19% من السريلانكيين يتبعون بوذية ثيرافادا، و12.6% من الهندوس، و9.7% من المسلمين و 7.4% من المسيحيين 6.1% من الروم الكاثوليك و 1.3% من المسيحيين الآخرين، كذلك يوجد «السنهاليين» وهم مجموعة عريقة يؤمن بعضهم بديانات أجدادهم القديمة.
هم شعب متدين بطبيعته كما يقولون، حتى إنهم عام 2008 كانت سريلانكا ثالث أكبر دولة متدينة فى العالم وفقا لاستطلاع جالوب، حيث قال 99% من السريلانكيين إن الدين جزء مهم من حياتهم اليومية.
الحادث الذى وقع أمس، محزن ومثير للغضب، ضد فاقدى الإنسانية الذين اجتمعوا وقرروا أن يثيروا فى العالم كثيرا من الوجع، فراحوا ينهون حياة أناس طيبين لم يفعلوا شيئا سوى أنهم خرجوا من بيوتهم متوجهين إلى بيت الله، محتفلين بدخول السيد المسيح إلى القدس، لم يعرفوا أن أعداء الله وأعداء الإنسان، متربصون بهم و بكل شىء هادئ فى الحياة، راغبين فى تدمير أنفسهم وتدمير العالم.
أعرف أن السر لن ينكشف سريعا طالما لم تعلن جهة ما مسئوليتها عن الحادث، سوف نظل فى حيرتنا عاجزين عن الفهم، حتى تزاح الغمة ونعرف الفاعلين أو من وراءهم، ومع أن المعرفة لن تفيد شيئا ولن ترجع ما قد ذهب، لكن معاقبة المجرمين حتما سوف تريح قلوبنا بعض الشىء.
ما أريد لفت الانتباه إليه هو أن العالم يتحرك بقوة ناحية «عصور ظلامية»، حيث الموت المجانى يسعى خلف الجميع، وحيث المنظمات الإرهابية تعيش تحت الأرض وفوقها، وحيث القتل على الهوية، وحيث الاستعمار يعيد مرة أخرى تشكيل نفسه ويظهر فى ثوب جديد يتحكم به فى مصائر الناس ودولهم، وحيث الدول المستبدة تهدم أى محاولات لدول أخرى تسعى للحياة.
سريلانكا جرح جديد يضاف لألمنا اليومى، فندخل أسبوع الآلام مكبلين بالحزن ومصفدين بالهموم.