بعد أن أطلق الرئيس الصينى تشى جين بينج مبادرة "الحزام والطريق" عام 2013 لإحياء طريق التجارة القديمة لتوثيق الروابط التجارية والاقتصادية بين آسيا وأوروبا وإفريقيا، حيث تتضمن المبادرة تشييد شبكات من السكك الحديدية وأنابيب نفط وغاز وخطوط طاقة كهربائية وإنترنت وبنى تحتية بحرية، ما يعزز اتصال الصين بالقارة الأوروبية والإفريقية.
من هذا المنطلق حرص الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ توليه رئاسة جمهورية مصر العربية عام 2014 على تدعيم العلاقات مع دولة الصين، لذلك جاءت مشاركة الرئيس فى منتدى الحزام والطريق فى الفترة من 25 إلى 27 أبريل الجارى تلبية للدعوة الموجهة لسيادته من الرئيس الصينى لحضور قمة منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولى، بمشاركة 37 من رؤساء الدول والحكومات ذات بعد اقتصادى وتنموى وسياسى واستراتيجى.
ولعل مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى القمة تأتى فى إطار أهمية مبادرة الحزام والطريق على الصعيد الدولى، وحرص مصر على التفاعل معها فى ظل أن مصر تعد من الشركاء المحوريين للصين فى المبادرة، فى ضوء الأهمية الاستراتيجية لقناة السويس كأحد أهم الممرات البحرية للتجارة العالمية، فضلاً عما تمثله المشروعات القومية الكبرى الجارى تنفيذها فى مصر مثل المنطقة الاقتصادية لمحور قناة السويس من أهمية فى إطار المبادرة، بالإضافة إلى اتساق محاور المبادرة مع العديد من أولويات التنمية والخطط القومية المصرية وفقاً لخطة مصر للتنمية المستدامة 2030، فضلاً عن علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة التى تجمع بين مصر والصين.
يضاعف من أهمية زيارة الرئيس السيسى إلى الصين عوامل عديدة فى مقدمتها أنها ذات شقين، فهى زيارة ثنائية إلى جمهورية الصين الشعبية، وهى أيضًا، مشاركة فى المنتدى الثانى لمبادرة الحزام والطريق.
وأعتقد أن زيارة الرئيس السيسى إلى الصين فى هذا التوقيت تختلف عن كل اللقاءات السابقة، فالرئيس يزور العاصمة الصينية بعد اعلان نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وبين يديه إنجازات كبيرة حققتها مصر، ووضع جديد أصبحت فيه الآن يختلف عن ظروف القمم والزيارات السابقة، سواء على الصعيد الداخلى بتحقيق الاستقرار وهزيمة الإرهاب، وترسيخ أركان الدولة المصرية واستعادة مكانة وقدرة مؤسسات الدولة المختلفة، أو على الصعيد الخارجى بعد أن استعادت مصر مكانتها فى منطقتها وقارتها والعالم بفضل سياسة خارجية متوازنة وحكيمة.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن حجم التبادل التجارى بين مصر والصين ارتفع إلى 87ر13 مليار دولار عام 2018، بزيادة بلغت 29.3% عن نفس الفترة من 2017 لكى تحتفظ الصين بمكانتها كأكبر شريك تجارى لمصر، وأكبر بلد مصدر إلى القاهرة، حيث وصل حجم الواردات الصينية إلى مصر بنحو 8.7 مليار دولار عام 2018 بزيادة بلغت 28%، كما بلغ معها حجم الصادرات المصرية إلى الصين 8ر1 مليار دولار لأول مرة فى تاريخ التبادل التجارى بين البلدين.
*مدير مركز النيل للإعلام بالقليوبية