الحفاظ على أكباد المصريين مهمة سامية، نجحت الدولة المصرية فى تنفيذها على أكمل وجه خلال الشهور الماضية، فى ظل المبادرة البناءة التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى تحت شعار " 100 مليون صحة" للقضاء على فيروس سى والأمراض غير السارية، مثل الضغط والسكر والسمنة، وقد نجحت هذه المبادرة الوطنية فى الكشف على أكثر من 55 مليون مواطن مصرى حتى الآن وأكثر من 20 ألف لاجئ أجنبى، فى سابقة لم تحدث من قبل، بأن تقدم الدولة العلاج الكامل بالمجان لغير المصريين على أراضيها احتراما لقيمة الإنسان.
الوضع فى مجال علاج فيروس سى قبل 5 سنوات كان كارثيا، فقد كان شبح المرض يتزايد يوما بعد الآخر، وينهش أكباد الأغنياء والفقراء دون تفرقة، فلم تكن هناك آليات علاج فعالة ومناسبة له، إلا أن الدولة نجحت فى الاتفاق على تصنيع عقار "السوفالدى" بعد بروتوكول مع الشركة المصنعة على إنتاجه محليا بسعر يقل 10 مرات تقريبا عن سعره عالميا، بل وتوفيره بالمجان للمصابين بالفيروس من خلال كورسات علاجية مكتملة تشرف عليها وزارة الصحة.
الحقيقة أن التجربة المصرية الرائدة فى مجال علاج فيروس سى تستحق أن تلقى كل الإشادة والتأييد من المنظمات الدولية المعنية بالصحة، لأن مصر نجحت فى تحقيق أرقام مذهلة فى علاج هذا المرض، الذى كان ينهش أكباد المصريين، خاصة أنه القاتل الصامت كما يطلق عليه الأطباء، لا تظهر أعراضه إلا بطريقتين، الأولى أن يخضع المريض للتحاليل والاختبارات اللازمة لكشف الفيروس، الثانية مرحلة تليف الكبد نتيجة الفيروس وظهور مضاعفات المرض، التى غالبا ما تكون فى المراحل الأخيرة.
وزارة الصحة بذلت جهودا غير مسبوقة خلال الأشهر الماضية فى تطبيب أكباد المصريين وأدارت هذه الحملة الرئاسية على أعلى مستوى من الكفاءة والخبرة، من خلال أطباء ومجموعات عمل على أعلى مستوى من التدريب، وتمكنت بالأمس فقط من إنهاء تلك المبادرة وإعلان نتائجها وما أثمرت عنه.
لم تكتف وزارة الصحة بإنهاء المبادرة بعد الكشف على عشرات الملايين، بل أعلنت أن هناك نحو 309 نقاط على مستوى الجمهورية يمكن من خلالها الكشف والفحص عن مرض فيروس سى والأمراض غير السارية، حتى شهر ديسمبر المقبل فى مختلف محافظات الجمهورية، حتى لا يعود هذا القاتل الصامت مرة أخرى، بل أكثر من ذلك أتاحت الوزارة فى المستشفيات الحكومية والوحدات الصحية فى القرى والمراكز على مستوى الجمهورية إمكانية التحليل المجانى عن فيروس سى والأمراض غير السارية، بالإضافة إلى الحملات التى يتم توجيهها إلى المدارس والجامعات.
المبادرة الرئاسية للكشف عن فيروس سى والأمراض غير السارية تؤكد أن مصر لديها المؤسسات الصحية، والبنية الفنية والتكنولوجية القادرة على تصدير هذه التجربة إلى مختلف دول العالم، خاصة وأن السنوات المقبلة سوف يكون فيروس سى من التاريخ كما حدث مع أمراض شلل الأطفال والبلهارسيا.
كل التحية لأجهزة الحكومة التى نفذت مبادرة " 100 مليون صحة" بكفاءة واقتدار، عكست التنسيق الدائم والمستمر بين أجهزة الدولة المختلفة، على رأسهم وزارة الصحة التى تحملت المسئولية المباشرة فى التنفيذ، وتمكنت من التنسيق مع كل الوزارات والهيئات فى الدولة، وكلفت جيش من الأطباء والصيادلة والممرضين والفنيين لإنجاح هذه المبادرة.