ترى ما هو موقف دعاة الفتنة والتكفير والكراهية بعد إعلان الداعية السعودى عائض القرنى عن نشر التطرف والأفكار الخاطئة والتلاعب بالدين لأهداف سياسية أو مالية فيما يسمى الصحوة. نحن أمام مفارقات، حيث القرنى واحد من عشرات الدعاة نشروا دينا متطرفا وروجوا الكراهية وسوقوا للأوهام وغسلوا عقول آلاف ضللوهم وشوهوا عقولهم، وبالتالى فهؤلاء لم يضروا أنفسهم فقط وإنما سببوا أضرارا لملايين البشر الأبرياء.
الضحايا ليسوا فقط من تأثروا وشربوا من الأفكار التى فصلها هؤلاء وغيرهم ومن تعرض لغسيل مخ أو تشرب بالأفكار الضالة، لديه عقل يفترض أن يقوم بتشغيله، لكن الضحايا الأصليين هم من راحوا ضحايا للقتل الطائفى والمذهبى والدينى والعرقى، بناء على أفكار كبار «المكفراتية».
الواقع أن صناعة التطرف والتعصب تمت على مدى عقود، وشارك فيها العشرات من صناع التعصب ومنتجو الكراهية على مدى عقود، أطلقوا على أنفسهم اسم دعاة وهم مجرد متكلمين يبحث كل منهم عن سلطة مال أو جاه، احتكروا سلطة الدين ليمارسوها على غيرهم من البشر. وعائض القرنى وأمثاله لم يكونوا أول من فعل هذا ولا هو أول الجيل الذى بدأ تجارة الدين ونشر التعصب، لكنه من جيل ثان، ومثله مثل المدعو العريفى، هو ومعه دعاة ساهموا فى إرسال مئات وربما آلاف الشباب للحرب فى سوريا، وساهم من قبلهم فى إرسال مئات الشباب للحرب فى أفغانستان والشيشان وألبانيا وغيرها. بل إن العريفى كان يتجول فى أوربا ومنتجعات العالم بما حصل عليه من مقابل لفتاوى الدم التى تم بها شحن الشباب لحرب القتل والدم بالوكالة.
بل إن هناك نظريات ترى أن الولايات المتحدة ساهمت فى صناعة نماذج التكفير ليسهل عليها قيادة الجهلاء لمواجهة خصومها، وبالتالى فإن هؤلاء الدعاة المكفراتية كانوا يناسبون أهداف وجودهم، واليوم يسعى بعضهم للتطهر حرصا على مكاسب والثروات وسلطات.
لقد بدأت الخطوات فى السبعينيات من القرن العشرين، بتحريم العلم والإفتاء بكفر من يقول بكروية الأرض، وروجوا كتب كبار المكفرين وسوقوا كتبا تصنع من حياة البشر مجرد كبائر، لقد كان تحالف الجهل مع التكفير مع مال وفير بلا عقل هو من صنع سلطة التكفير وأنتج أجيالا من دعاة الفتن وصناع الجهل.
والواقع أنهم كانوا يتحركون بطريقة مؤسسية، وظهر لدينا من هم أكثر تكفيرا وتجهيلا من القرنى والعريفى، ولدينا دعاة الجهل ممن كان هناك من يطلق عليهم اسم علماء، وهم مجرد تجار دين جملة وقطاعى، كل ما فعلوه أنهم نشروا التكفير والكراهية فى المجتمعات المختلفة.
البعض ينظر لاعتذار القرنى أو غيره على أنه مجرد كلام لا يختلف كثيرا عن أى كلام، وربما يكون مجرد تكتيك وتكيف مع واقع جديد لاستمرار المكاسب.
ولو كنا أمام قاتل أو لص فتوبته عن فعل أضر بفرد أو عدد قليل، لكننا مع مدعى الدعوة أمام عشرات الآلاف ممن تم غسل مخهم وتحويلهم إلى أدوات قتل وتكفير وكراهية، يصنعها فقهاء على مقاس هذه العقول المغسولة، وهو ما فعله العريفى والقرنى وغيرهما، وعشرات مثلهم فى مصر، ساهموا فى صناعة التعصب وتجارة الإرهاب.