القارئ زيد شحاتة يكتب: المعارضة العراقية.. هل نضجنا بما يكفى؟

أثبتت النظم الديمقراطية أنها أفضل آلية وضعية لإدارة الشأن العام, لكنها مع ذلك بينت وبما لا يقبل الشك, أنها كأى نظام من صنع بشرى, لا تخلوا من العيوب أو الأخطاء, سواء فى أصلها كنظام, أو من جراء سوء الممارسة والتطبيق. تتفاوت الدول فيما بينها فى درجة نضج نظامها السياسى, وكيفية تثبيت ذلك النضج "وتقنينه" بما يسمح, لكل أجزاء النظام وأركانه, أن تؤدى المهام المطلوبة منها بشكل صحيح.. فبعضها تثبته بشكل صريح كنص دستورى أو قانونى, وبعضها صار عندها عرفا ثابتا كاد أن يكتسب قوة القانون المنصوص.. وبعضها لازال بالكاد يحبو فى هذا الطريق, فى ما لازال آخرون يتخبطون تيها! ركن أساسى فى أنظمة الحكم المعتد بها, وجود معارضة تعمل على تقويم العمل الحكومى, وانتقاده وتقديم النصح والإرشاد لها, بل وتعمل على مسائلتها وسحب الثقة, وإسقاطها إن فشلت فى أداء المهام الموكلة بها, وتنفيذ برنامج حكومى يحقق متطلبات الأمة. تذهب الأحزاب للمعارضة إن رأت منهاج الحكومة بعيدا عن توجهاتها ومبادئها, أو أن نسبة تمثيلها بالحكومة "حصتها" ليست ملائمة لعدد مقاعدها, أو ربما لأنها تختلف فكريا وعقائديا أو سياسيا, وبشكل لا يمكن التوافق فيه مع الحزب الفائز بالانتخابات.. لكن أحيانا يحصل ذلك, لأن الحزب الفائز بالانتخابات ممن لا يفى بوعد ولا يلتزم بأى اتفاقات ومواثيق يعقدها! أثبتت التجارب الديمقراطية العربية "على قلتها" أنها لم تصل بعد لمرحلة نضج كافية, لتوجد معارضة حقيقية تقوم بالدور المتعارف عليه فى نماذج غربية متقدمة عنا بكثير.. ورغم أن من العدالة القول إن تلك الأنظمة سبقتنا بسنوات كثيرة, فترسخت تجربتها وثبتت آلياتها بشكل رصين بعد مرور سنوات كثيرة, وخصوصا فى ذهن الجمهور.. لكن هل من سبب يدعونا لعدم الاستفادة من تلك التجارب؟ وهل من ضرورة لأن نمر بكل ما مروا به من مراحل وتجارب, ونحتاج كل تلك المدة؟! تجربتنا السياسية العراقية, رغم أنها وبكل مقاييس الأمم, ورغم كل عيوبها التى تكاد تجعلها تعرج كثيرا, وتقع فى مطبات متكررة, متقدمة نسبيا.. إن تم تقييمها بشكل موضوعى بعيدا عن العاطفة.. ومع أنها لا تخلوا من خطوات خاطئة عادت بها كثيرا للوراء, وعانت من فشل وقرارات شخصية فردية, كادت أن تطيح بالبلد كله, لكنها بالمجمل تسير إلى الأمام.. فهل حان وقت وجود معارضة! تجربتنا مع وجود المعارضة خصوصا بعد الإطاحة بنظام صدام والبعث كانت فقيرة جدا.. باستثناء معارضة خجولة ذهب إليها تيار الحكمة "المجلس الأعلى سابقا" فى حكومة السيد المالكى الثانية, وبما تمثله الحكومة من سلطة ومنافع وأصوات انتخابية.. فالكل كان يريد المشاركة بالحكم ولو من خلال وزير دولة! لأن جمهورنا لم يفهم أهمية المعارضة فى "لعبة الحكم" لحد الآن فالحال سيظل كما هو.. ورغم أن ائتلاف النصر ودولة القانون وتيار الحكمة, لم يستلموا أى مناصب فى الحكومة الجديدة التى شكلها السيد عبد المهدى, لكنهم لم يجرئوا أن يذهبوا للمعارضة, ليس لأنهم لا يعرفون أهميتها, فمعظم قادتهم ممن عاش فى الغرب, أو اطلع على تجارب الحكم هناك.. لكنهم يعرفون أن نسبة كثيرة من الجمهور يحب من فى السلطة وسيصوت له, ناهيك عمن ترتبط مصالحهم برجال الحكومة. ستظهر لدينا معارضة.. هذا أمر مؤكد وحتمى ولا شك فيه فهو نتيجة منطقية للنظام الديمقراطى, مهما كانت صورته وعيوبه, لكن السؤال المهم هو عن ودرجة توفر أسبابه عندنا توقيت ظهورها. علامات ظهور المعارضة تلوح فى الأفق, والأسباب متعددة وأكثر من أن تخفى.. فهل يملك هؤلاء الجرأة ليذهبوا للمعارضة صراحة بلا مواربة, ويعلنوا ذلك جهارا نهارا.. أم سيدفعهم الجمهور العاشق لمن فى السلطة, للتردد من تلك الخطوة!



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;