الجريمة موجودة فى كل زمان ومكان، منذ قابيل وهابيل حتى زمننا هذا، تقع فى الكباريهات والأماكن المشبوهة، ولا تمنعها قدسية دور العبادة، فعندما يتدخل الشيطان ويضعف الإنسان تصبح الجريمة أمراً سهلاً.
بواقع عملى ـ صحفى متخصص فى الحوادث ـ هناك العديد من الأسباب تقف خلف الجرائم، لعل أبرزها غياب الضمير والأسرة ودور العبادة ـ أحياناً ـ وضعف الشخص واستسلامه للشيطان، فضلاً عن أسباب أخرى متعلقة بظهور التكنولوجيا الحديثة وما صاحبها من ظهور العديد من الجرائم فى ظل انتشار الإنترنت واختراقه لكل الحواجز وعدم تقيده بمكان جغرافى، حتى تسلل لغرفنا الآمنة، فمهد لارتكاب الجرائم وساهم فى زيادة معدلاتها، لاسيما فى ظل الاستخدام الخاطئ للإنترنت، وتطويع التكنولوجيا لصالح الجريمة.
أعتقد أن شهر رمضان فرصة طيبة لتفادى كل هذه الأسباب التى تؤدى للجريمة، فروحانيات الشهر الكريم يجب استغلالها فى الحد من الجريمة بشتى أنواعها، فهذا الشهر فرصة للتوقف عن "الشات الحرام" بين الرجال والنساء حتى لا يقودهم للعشق الممنوع وصولاً لجرائم القتل، فرصة للابتعاد عن جرائم السب والقذف، وتوقف المشاجرات فى الشوارع واستبدالها بصلاة التراويح والتردد على المساجد، وعدم الجلوس ساعات طويلة على المقاهى التى تمهد لهذا النوع من الجرائم.
أظن أن دفء "البيوت" فى رمضان، والتواصل بين الأهل والأقارب والزيارات المتكررة، و"العيش والملح" على مائدة الطعام عقب انطلاق مدفع الإفطار، فرصة للقضاء على الخلافات العائلية التى كانت تمهد للجرائم الأسرية، ليتم تقليص حوادث من نوعية قتل شاب لوالده أو العكس، وذبح زوج لرفيقة عمره أو العكس.
اللص الذى لا يستطيع التسلل للمنازل ليلاً لسرقتها، فى ظل سهر المواطنين حتى السحور وصلاة الفجر، فرصة أن يراجع نفسه ويعلن التوبة النصوحة، والمتحرش الذى يمنعه رمضان من ممارسة جرائمه فرصة للتوقف عنها للأبد.
أعتقد أن هذا الشهر الكريم فرصة طيبة لنبدأ جميعاً حياة جديدة، لا تعرف لغة الدم، ولا يتخللها محاضر فى قسم الشرطة، فرصة لمراجعة النفس والتعامل مع المواقف بهدوء، وعدم الاستسلام للشيطان، فرصة للتسابق على الجنة لا زنازين السجون.