«المستريحون» والقانون الذى لا يحمى المغفلين
حتى الحمير لم تسلم من سوء أخلاق البشر، وبعد أن ظلت الحمير للركوب فقط، وجدت نفسها ضحية لعمليات الاستحمار المحلى من بعض الجزارين.
الذين لم يكتفوا بما يكابده الحمير من تعب فى حمل البشر وأحمالهم وبلاويهم، فإذا بهم يضاعفون من آلام الحمير أحياء وأموات. يسلخونها ويحولونها إلى لحم يبيعونه للزبائن الذين «يصعب على بعضهم التفرقة بين لحم الحمار وغير الحمار».
ولم يعد يمر أسبوع من دون الإعلان عن حالة أو أكثر لبيع لحم الحمير، وياليتها حمير صاحية مثلما كان فى السابق لكنها حمير ميتة. هم يستحمرون الزبون مرتين، واحدة، لأنهم يبيعوه على أنه لحم كندور، وأخرى لأنه حمار ميت، ليغلقوا زمان الاستحمار الجميل كانوا يبيعون الحمير الصاحية السليمة، وليس الميتة. وهو أمر يثير غضب الحمير، التى ربما ترفع دعوى أو تقدم «استحمارا برلمانيا» بعد أن أصبحت ضحية الدولار وارتفاع الأسعار، ولا نستبعد أن تنظم مظاهرات تطالب بتوفير اللحوم وخفض سعرها لإنقاذ ثروة مصر الحمارية.
ثم إن الحمير تعترض على وصف الأغبياء من بنى البشر بأنهم حمير، لأن الحمار لا يكرر أخطاءه مثل البشر الذين وقعوا ضحية النصب، ثم يكررون الخطأ بلا تعليم، وعلى سبيل المثال خلال العام الماضى كل الناس عرفت قضية المستريح رجل الأعمال الذى أوهم الناس بأنه قادر على توظيف أموالهم ومنحهم أرباحا تتجاوز الخمسين فى المائة سنويا، وأنه سيوظف أموالهم فى العقارات وكروت المحمول، وصدق الناس ومنحوا المستريح 266 مليون جنيه بكل سرور. وكالعادة ضاعت فلوسهم، وتم القبض على المستريح ومحاكمته والحكم عليه، وبقى «التعبانون» على حالهم.
المثير أن الناس تعرف موضوع النصب، هناك نصاب توظيف أموال شهير فى الإسكندرية، وفى بورسعيد، وفى حلوان، وفى المنوفية، والغربية وكل محافظة، يجمعون الملايين، فى وقت يشكو فيه الناس من أنه مافيش فلوس، تخرج الملايين إلى جيوب النصابين، والطمع مع الجشع، وحسب قدرة النصاب، يجمع من مليونين إلى عشرات الملايين، ويمنحه الناس أموالهم عن طيب خاطر، وفى كل مرة يراهن السادة «اللى معاهم فلوس» إنهم سيكسبون، وبعد ذلك يقولون على أنفسهم أنهم حمير. وهو ما يثير غضب الحمير التى لا يمكن أن توظف أعلافها عند حمار تانى يوهمها أنه سيضاعف العلف.
ظاهرة توظيف الأموال من الثمانينيات وفى كل مرة يمنح الناس فلوسهم، لنصاب ما أوهمه بأنها سوف تلد على طريقة جحا. يعنى التكرار لا يعلم الشطار. طبعا أغلب القضايا التى حتى يصدر فيها أحكام بالسجن للنصابين، ولا تعود الفلوس والقانون كما نعرف لا يحمى المغفلين. الذين لا يمكن وصفهم بالحمير لأن الحمير تعترض على ضياع زمن الحمورية الجميل.