محور روض الفرج ليس مجرد واحد من أكبر مشروعات النقل المنفذة على النيل، مرشح لدخول موسوعة «جينيس» كأعرض كوبرى معلق فى العالم، كما أنه ليس مجرد مشروع معقد وملىء بالتحديات الهندسية أو كما يقول رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، إن إنشاءه يعادل إنشاء ألف عمارة سكنية، ولكن المهم فى هذا التحدى أنه تم بتصميم وتنفيذ وخبرات مصرية بالكامل، وشارك فى تنفيذه أكثر من 4 آلاف مهندس وفنى وعامل كلهم مصريون، مما يدعو للفخر أن فى بلدنا خبرات هندسية تستطيع تنفيذ أعقد وأصعب المشروعات فى العالم، كما أنه يمثل نوعا من تحدى النفس فى الظروف الصعبة، وبدلا من اللجوء للبكائيات ومواساة النفس، انتقلنا إلى إنجاز جديد نتحدى به أنفسنا أولا ونتجاوز الظروف الصعبة التى نواجهها، أى أننا عملنا بالمثل الشائع الذى يعبر عن الإرادة البشرية «حولنا المحنة إلى منحة».
إذن، عواجيز الفرح ومقاطيع السوشيال ميديا الذين يكتبون باستسهال وتفاهة أن محور مثل محور روض الفرج هو مجرد كوبرى جديد يضاف إلى الكبارى والطرق التى بناها السيسى مثلما فعل مبارك وغيره من الحكام الذين حكمونا فى السابق، أقول لهم: نقطة نظام صغيرة من فضلك، لابد أن تعرف أولا ماذا يعنيه مثل هذا المحور المهم وتأثيره على حركة الطرق فى القاهرة وصولا إلى الساحل الشمالى وحتى السلوم، وشرقا حتى العين السخنة وجبل الجلالة وطريق السويس وصولا إلى الغردقة.
المحور الذى يربط شمال وشرق القاهرة بطريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوى عند الكيلو 39 عبارة عن 6 حارات مرورية بعرض 64.5 متر، وبالتالى سيكون أكبر الطرق عرضا فى العالم، ويضم كل اتجاه 6 حارات، 4 منها للسيارات الملاكى، وحارتان للأتوبيس شاملة 6 منازل ومطالع بمنطقة المظلات و8 مطالع ومنازل بالدائرى.
هذا المحور الجديد الذى يقطع النيل من منطقة الخلفاوى يربط شرق مصر بغربها، كما أنه يمنع نهائيا التكدس بين شرق وشمال القاهرة وغربها وجنوبها، ويوفر مئات الآلاف من لترات البنزين يوميا، تستهلكها السيارات فى الزحام والتكدسات المرورية، فهو يربط كل مطالع شبرا بمحور الفنجرى ومصر الجديدة، كما يعد محور روض الفرج جزءا من الطريق الحر الواصل من الزعفرانة بطريق السويس إلى الطريق الساحلى للبحر الأحمر من خلال طريق الجلالة الجديد، كما يربط الزعفرانة والعين السخنة على البحر الأحمر بالمحور الشمالى الممتد من الضبعة إلى مطروح وسيدى برانى ويبلغ طوله 600 كيلومتر.
عندما يتوافر لديك طريق عظيم يربط بلادك، شرقها بغربها، كما يربط العاصمة بأهم المقاصد السياحية على البحر الأحمر بنظيرتها على البحر المتوسط، نكون أمام تخطيط محترم يستشرف المستقبل، كما نتوقع أن يحدث هذا المحور نقلة فى العمران والرواج التجارى والاقتصادى، ولكم أن تتخيلوا كل نقطة يمر عليها هذا الطريق ولم تكن مزدهرة بالعمران، ماذا يمكن أن تكون عليه، بدءا من المشروعات على حرم الطريق وانتهاء بإنشاء المدن الجديدة والخدمات ومراكز التجارة الصغيرة.
تحقيق مثل هذا المشروع الكبير بسواعد مصرية، رغم ما يتضمنه من تعقيدات وصعوبات هندسية، خاصة الجزء المعلق من المحور على النيل، وكذلك فتحة الكوبرى المعلق التى تسمح بالملاحة النهرية، يدعو للفخر وللتفاؤل وللدهشة أيضا، فكيف تتحقق مثل هذه المشروعات الكبرى فى التوقيتات الموضوعة دون أن تؤثر عليها الأوضاع الاقتصادية، ولا الحرب على الإرهاب أو الحروب المعلوماتية والنفسية والشائعات التى نتعرض لها؟!
علينا أن نرفع رؤوسنا بما تحقق من إنجازات، وأن نترفع عن التفاهات والقلش والسخرية العدمية على السوشيال ميديا، لأن الإنجازات المتحققة هى ما يبقى معنا، أما الشائعات والتفاهات والتشكيك على السوشيال ميديا فهى إلى زوال سريع لكن خطورتها أنها تورثنا التبلد والتواكل واللامبالاة، كما تجعل من متابعيها مثل عواجيز الفرح لا يسهمون فيما يتحقق ولا يشعرون بالفرح لما يتم إنجازه. تحية لكل عامل وفنى ومهندس مصرى شارك فى هذا التحدى الكبير «محور روض الفرج».