في نهار يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة جرت أولي المواجهات القتالية بين جيش المسلمين بقيادة النبي محمد صلي الله عليه وسلم والذي لم يتجاوز تعداده ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ولم يزد عتاده عن 70 بعيرا وفرسين، وذلك في مواجهة جيش قريش البالغ تعداده الفا من وجهاء القوم وفرسان مكة وحلفاء قبيلة قريش من قبائل العرب، مصحوبين بعتاد تبلغ أعداد الخيل فيه مائتي فرس، فى مواجهة هي بكل الحسابات البشرية محسومة النتيجة للفريق الأكثر عتادا وعدة، لكن كفة الإيمان بالله واليقين بنصره والثبات علي الحق قلبت الموازين وخالفت الحسابات البشرية ، وأنهت المواجهة لصالح الفريق الأقل عددا وعدة والأكثر إيمانا وصبرا، وأعادت الفريق الآخر مهزوما مدحورا يجر أذيال الخيبة.
وفي نهار العاشر من رمضان من العام الهجري 1393، السادس من أكتوبر من العام الميلادي 1973، انطلق رجال جيش مصر، وهم يتسلحون بسلاح الإيمان بالله واليقين بنصره، ويستحضرون روح "بدر" في مواجهة جيش يقاتل من وراء جدر، صنع منها أسطورة، زاعما أنها لا تقهر، ومدعوما من واحدة من القوتين العظميين علي الكرة الأرضية في ذلك الوقت وهي الولايات المتحدة الأمريكية، في مواجهة كانت حساباتها البشرية تحسمها أيضا من الساعات الأولي لصالح الفريق الذي يحتل الأرض ويتمترس خلف ساتر ترابي هو الأعلي في ذلك الوقت، ويتخفي خلف خط "بارليف" ظنا منه أنه محمي به، ليكون لحسابات الإيمان والصبر والحق كلمة مغايرة لكل الظنون البشرية، وتحسم المواجهة بنصر يوثقه تاريخ الحروب العسكرية لرجال الجيش المصري.
العاشر من رمضان وبدر وبينهما سلسلة انتصارات من بينها فتح مكة و القادسية و حطين وعين جالوت جميعها مواجهات جرت في شهر رمضان ، ولم يمنع الصيام في الشهر الكريم الجيوش عن خوضها وحصد الانتصار فيها، في تأكيد علي أن ما تظنه عائقا عن العمل والإنجاز ودافعا للاسترخاء والكسل قد يكون فيه الدافع الأقوي والأكبر لتحقيق المكسب في حياتك، المهم أن تستلهم الطاقة الإيجابية منه وفيه، وأن تعظمها وتبني عليها لتحقيق الانتصار في شئون حياتك، وأن تتذكر أنه ما كان لأحد بين صفوف الاحتلال الإسرائيلي أن يتوقع أن جنود مصر سيفاجئونه في نهر شهر الصوم بالانقضاض علي أساطير جيشهم وهدمها وتسجيل أسطورة علي أنقاضها باسم المصريين وإضافة نصر جديد إلي سجل "انتصارات رمضان " .