حينما تألق النجم ياسر جلال فى مسلسله الرائع "رحيم" فى موسم رمضان للعام الماضى، لم أكتف بالكتابة عنه فقط، بل وأشدت به وبما حققه من تألق ونجومية، فقد كنت أرى فى ذلك الوقت أنه وصل إلى القمة وتربع على عرش النجومية، حيث إنه تفوق فى هذا المسلسل على نفسه قبل أن يتفوق على الآخرين، واعتبرت أن ياسر جلال قدم كل ما لديه من إمكانات تمثيلية تستند إلى غزارة فى الموهبة.
ولكن ما أن شاهدت ياسر جلال فى مسلسله الجديد "لمس أكتاف" الذى يعرض حاليا، حتى أيقنت أننى لم أكن على صواب فيما كتبته عنه، فياسر جلال وفى اعتقادى بأنه قدم مل ما لديه فقد استطاع أن يثبت للجميع أنه فنان موهوب ما يزال لديه الكثير والكثير ليقدمه لنا عاما بعد الآخر، كما أمد للجميع وبما لا يدع مجالاً للشك أن موهبته ليس لها سقف وأن طموحه الفنى سيظل يدفعه للأمام يوماً بعد الآخر نحو تحقيق المزيد من النجومية والنجاح والتألق.
وعلى الرغم من أنه من الصعب الحكم على نجاح هذا المسلسل أو ذاك قبل الانتهاء وهو ما يزال فى أولى حلقاته، إلا أنه والحق يقال فإن ياسر جلال قد نجح بالفعل فى أن يجبر المشاهدين على متابعته باهتمام وتركيز منذ الحلقات الأولى ليس هذا وحسب، بل إنه استطاع أن يخطف عين المشاهد باعتباره فنانا كبيرا يمتلك القدرة على أن يجسد العديد من الشخصيات المختلفة وبنفس قوة الأداء والقدرة على الإقتاع دون استجداء للمشاهد، الذى أصبح ينتظر حلقات المسلسل بشغف وبحرص من أجل متابعة الأحداث، خاصة أن هذه الأحداث التى جاءت خالية من الملل ونظيفة تماماً من أية الفاظ خارجة او خادشة للحياء فالمسلسل لا علاقة له من قريب أو بعيد، بالإسفاف الذى يفرزه الحوار المتدنى الذى للأسف الشديد أصبح الآن هو الوسيلة السهلة التى يعتمد عليه بعض النجوم من أجل الحصول على أكبر نسبة مشاهدة، حتى يشار إليه أنه يتربع على عرش الصدارة.
ولكن ياسر جلال ولأنه يمتلك موهبة حقيقية فى التمثيل والأداء المتزن لم يكن مجبرا على الانحدار إلى مثل هذا المستوى، فهو يتعامل مع جمهوره بشكل مباشر ويقيس نجوميته من خلال التفاف الجمهور حوله ومعايشته للواقع بعيداً عن ألاعيب السوشيال ميديا وفرقعات "التريند" التى هى فى كثير من الأحيان مجرد أرقام مصنوعة من خيال بعض المحترفين الذين يعملون فى الشركات المتخصصة فى هذا المجال وبالتالى، فهى فى كثير من الأحيان مجرد وهم وبالطبع فهى على أرض الواقع بعيدة كل البعد عن الحقيقة.
وهذا الأمر يجعلنى أتحمس دائماً لياسر جلال لأننى أرى فيه الفنان الحقيقى الذى يجسد أدواره بجدارة ويؤدى شخصياته بهدوء ودون أى افتعال أو تمثيل وهو ما يجعل من يشاهده يشعر بالصدق فى نبرة صوته وبالتلقائية الشديدة فى حركته أمام الكاميرا والمصداقية، وهو يقدم أى دور مهما كان مختلفاً وغريبا فكما أحببناه وهو يقدم شخصيته بجدارة فى مسلسل "ظل الرئيس" منذ عامين فقد ارتبطنا به وتابعناه لحظة تلو الأخرى وهو يجسد شخصية "رحيم" العام الماضى.
ففى هذا المسلسل شدنا ياسر أجلال نحوه ففرحنا لفرحه وشعرنا بالحزن وخيبة الأمل فى حالات حزنه، وهو يتنقل من مرحلة إلى أخرى فى سياق التسلسل الدرامى للأحداث.
هكذا يكون الفنان الحقيقى وهكذا تكون المعايير والمقاييس التى يتم الاعتماد عليها فى الحكم على نجومية هذا الفنان أو ذاك.
وهكذا هو ياسر جلال المعجون بالفن والذى يمتلك بئراً من الموهبة الفنية.. هذا البئر كلما اغترف منه فإنه لم بنقص بل نراه وقد ازداد وامتلأ وفاض من حوله فناً جميلاً وتألقاً وروعة وجمالاً، فالنجاح دائما لا يأتى بالصدفة وإنما هو محصلة مجهود وإصرار ومثابرة لا يعرفها سوى النجوم الذين يمتلكون بالفعل مقومات النجومية الحقيقية.