الإجابة على هذا السؤال تحتاج إلى العديد من الأرقام، والحقائق والإنجازات التى تمت خلال الفترة الماضية لتصل بنية قطاع الكهرباء فى مصر إلى الوضع الحالى، فالقصة الحقيقية لدعم الكهرباء تعود لسنوات طويلة، كانت مصر خلالها تعتمد نظاما اقتصاديا يقوم على القطاع العام ودور الدولة، ونظام الدعم والبطاقات للسلع والمنتجات، إلا أن الوضع الاقتصادى العالمى أصبح الآن أكثر تعقيدا مما كان عليه، فتوجهت أغلب الدول إلى رفع الدعم عن الخدمات والمنتجات والسلع، فى مقابل تقديم دعم مباشر إلى الطبقات الفقيرة والمهمشة ورفع سقف برامج الحماية الاجتماعية بصورة تحقق التكافل الاجتماعى المطلوب، وتضمن وصول الدعم بصورته العادلة إلى المحتاج فقط، وأبرز دليل على ذلك هو البرنامج الحكومى تكافل وكرامة، الذى يقدم إعانات شهرية منتظمة للأسر الأولى بالرعاية.
دعم الكهرباء جزء أساسى من دعم المحروقات والمواد البترولية، التى تعمل بها محطات الوقود التى يتم تشغيلها اعتمادا على مصادر الطاقة التقليدية "الديزل" وقد تم تطويرها خلال الفترة الماضية للقضاء على مشكلة الانقطاعات التى كانت تؤرق المواطنين لعامين متتاليين فى 2012 و 2013، نتيجة عجز الشبكة عن توفير احتياجات القطاعات المختلفة للطاقة.
خطة رفع الدعم عن الكهرباء بدأتها الدولة منذ عام 2015 وتستمر تدريجيا حتى عام 2021، ليتم تحرير سعرها بالكامل فى ذلك التوقيت وفقا للمعايير العالمية، التى تتحكم فى أسعار المواد البترولية وتكلفة الخدمات، بالإضافة إلى خطط التوسع فى قطاع الكهرباء، والموزانة الخاصة به، التى يصل العجز فيها إلى 33 مليار و500 مليون جنيه خلال العام المالى 2019/2020 إذالم تطبيق الزيادات الجديدة على أسعار الكهرباء التى يحصل عليها المشترك.
البعض ينظر إلى رفع الدعم عن أسعار الكهرباء سنويا على أنه مفاجأة أو حدث جديد يعلن عنه لأول مرة، دون أن يعرف أن الخطة معلنة منذ أكثر من 4 سنوات، وسوف تستمر لعامين قادمين، وهذا يتطلب أن نكون أكثر وعيا وإحاطة بالقضية، فبدون زيادات أسعار الكهرباء الحالية لن يتمكن هذا القطاع الحيوى من استكمال خطط التطوير خلال الفترة القادمة، ونقع فى المشكلة القديمة التى تعتمد على العلاج بالمسكنات دون حلول جذرية.
الدولة تحاول إيجاد بدائل للمصادر التقليدية للطاقة من خلال توليد الكهرباء من الوقود النووى، الذى يعد أقل تكلفة وأكثر استدامة، وقد بدأت فى تنفيذ ثلاث محطات نووية عملاقة لإنتاج الكهرباء فى مدينة الضبعة، إلا أن هذا النوع من الطاقة يحتاج إلى وقت، بالإضافة إلى التدريب والخبرات اللازمة للتشغيل والإدارة والتوسع فى المستقبل.
فى قضية رفع أسعار الكهرباء يجب أن نعرف أيضا أن إجمالى تكلفة تطوير شبكة النقل على مستوى الجمهورية سيصل إلى 57 مليار جنيه، بجانب الانتهاء من تطوير شبكة توزيع الكهرباء بجميع أنحاء الجمهوريه حتى الآن بتكلفة 22 مليار جنيه من إجمالي 37 مليار جنيه، بما يؤكد أن هذا القطاع يتم تطويره بالكامل وفق خطة واضحة أول ثمارها القضاء على مشكلة الانقطاعات وتحقيق فائض فى الكهرباء سيتم توظيفه فى التصدير والربط مع الدول الشقيقة والصديقة.