نشرت صحيفة الأهرام قبل 3 شهور ملفا بعنوان «140 سنة أهرام»، تستعرض فيه التاريخ الطويل للمؤسسة الصحفية الأكبر والأهم فى مصر والوطن العربى، ومن بين ما جرى نشره تقرير طويل للأستاذ عاطف الغمرى بعنوان «أوراق مراسل الأهرام فى البيت الأبيض» يستعرض فيه كيف أن المراسل يلعب دورا حيويا وسياسيا فى الغرف المغلقة لصناعة القرار بالإدارة الأمريكية، كما يكشف جانبا من القضايا التى كانت تحاك بأمتنا العربية دون أن نشعر.
يقول الأستاذ عاطف الغمرى، إن فضيحة بيل كلينتون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وعلاقته بمونيكا لوينسكى لم تكن معلنة، وكانت فقط واقعة يستغلها الجمهوريون فى الكونجرس لتحريك الرأى العام الأمريكى ضده، وفى توقيت متزامن كان بيل كلينتون يستعد لإعلان خطة تحقيق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل فى قمة ثلاثية سيعقدها مع نتنياهو وياسر عرفات.
وبينما كانت القمة الثلاثية تنعقد، وقف أحد المراسلين ووجه سؤالا لكلينتون، عما إذا كان يعرف فتاة تدعى مونيكا لوينسكى، واضطرب كلينتون من السؤال، وابتسم نتنياهو، بينما كانت تعبيرات ياسر عرفات محايدة، ووقتها نفى كلينتون علاقته بالفتاة.
يقول الأستاذ عاطف الغمرى تعليقا على السؤال: «بدت الواقعة مريبة، خاصة إنها جاءت فى نفس التوقيت الذى كان كلينتون سيعلن فيه خطته للسلام، لكن الخطة طويت فى زوايا النسيان، ولم يعلنها كلينتون على الإطلاق وكان دورى كمراسل أن أبحث عما خفى فى القضية، خاصة ونحن نعرف أن مونيكا يهودية، فقمت بزيارة منظمتين يهوديتين فى أمريكا، ومن خلال حواراتى مع كل منهما على انفراد، علمت أن والد مونيكا، من أنصار الليكود فى أمريكا، وأن مونيكا تذهب سنويا فى العطلة الصيفية إلى إسرائيل، لحضور تدريبات فى معسكرات للموساد، لشباب يهود يأتون بهم من دول فى العالم، وأن الموساد بعد دراسته لنقطة ضعف كلينتون فى علاقاته النسائية، قام بتأهيل مونيكا للاقتراب من الرئيس الأمريكى، وإغرائه بإقامة علاقة معه، وهى معلومات تظهر وجها من أساليب إسرائيل فى تشويه سمعة رئيس الدولة الحاضنة لإسرائيل».
الأصل هنا أن واقعة وحيدة من كواليس مؤتمر صحفى فى البيت الأبيض، تكشف لك جانبا كبيرا من الصراع الأساسى بشأن القضية الفلسطينية، وكيف أن المؤامرات الخبيثة تحاك فى الخارج ضد العالم العربى.
ولكم واقعة جديدة يرويها الأستاذ الغمرى بشأن ضغط الإدارة الأمريكية على الرئيس الفلسطينى الأسبق ياسر عرفات، ففى إحدى دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة، كان للرئيس الفلسطينى ياسر عرفات كلمة، وفيها فقرة عن الدولة الفلسطينية، وعندما علم كلينتون بمضمونها، دعا عرفات وطلب منه حذف تلك الفقرة، وهو ما جرى فعليا وطبعت الكلمة وتم توزيعها على وسائل الإعلام.
ويقول الغمرى، إن عمرو موسى أبلغه أن يتابع الكلمة التى يلقيها عرفات دون الاعتماد فقط على النص المكتوب، وكانت المفاجأة أن عبارة الدولة الفلسطينية وردت فيها، فى تأكيد واضح على تمسك عرفات بمبدئه وبحلمه عن الدولة الفلسطينية.
حقيقة، الصحافة المصرية تفتقد مراسلين بحجم الأستاذ الغمرى والأستاذ حمدى فؤاد، ولكن يبقى أن أعمالهما الصحفية فى الخارج تعكس المجهود المبذول من أجل تقديم خدمة صحفية حقيقية.