فى كل مجتمع تجد أشخاص يقدمون الكثير من الخدمات والمشروعات تخدم البشرية، وتعمل على إسعاد الملايين من البسطاء ، منهم من يتم تكريمه فى حياته ومنهم من يتم تكريمه بعد مماته ، ومنهم أشخاص يخلدون لدى البشرية دون تكريم ، من هؤلاء شخصية مصرية نجحت فى بناء العشرات من المؤسسات التعليمية وتحقيق طفرة كبيرة فى العديد من قرى محافظة الدقهلية والمحافظات المجاورة لها ، لم تكتفى فقط بمساعدة مئات من الأسر الفقيرة بل نجح فى خلق مئات من فرص العمل ورفع مستوى التعليم لدى أبناء قريته والقرى المجاورة.
هنا نحن أمام شخصية مصرية رغم رحيلها عن عالمنا منذ ثلاث سنوات إلا إنه حقق نجاحا كبير على المستوى الإجتماعى والعلمى والثقافى والإنسانى جعل كل من يقرأ ويسمع ويشاهد قصته يقف متعجبا ، متسائلا .. كيف حقق ذلك؟ .. كيف لا يكرم؟ .. كيف يمكن تخليده ليكون مثالا يسير على دربه مئات من المصريين فى تحقيق نهضة القرى التى يعيشون فيها؟.
بطلنا ولد فى قرية تفهنا الأشراف بمركز ميت غمر التابعة لمحافظة الدقهلية ، اسمه المهندس صلاح عطية ، رغم عدم ظهورا فى الاعلام فى حياته واختياره العمل من أجل خدمة الناس وإسعادهم ، لكن بعد رحيله اختلف الامر وأصبح أحد أشهر أبناء محافظة الدقهلية ، ولما لا وهو الذى ساهم فى بناء عشرات المعاهد والمدارس والكليات والمشروعات الصغير والمتوسطة ، حتى كانت لحظة رحيلة تعكس حب وعشق الناس له فى جنازة سار فيها قرابة نصف مليون محبا له.
لماذا المهندس صلاح عطية نموذج يجب تخليده من قبل محافظ الدقهلية الدكتور كمال شاروبيم ، بإطلاق اسمه على أحد المؤسسات التعليمية التى ساهم فى بناءها، ووضع أسمه ومقتنياته ضمن متحف أعلام الدقهلية الجارى إنشاءه مع كتابة قصته وتعليقها على جدارن المتحف ،حتى تتمكن الأجيال الحالية والقادمة من معرفة قصة نجاح هذا المهندس الذى حول قريته لقرية نموذجية متكاملة فى التعليم والزراعة والصناعة.
حكاية المهندس صلاح عطية بدأت مع 8 أفراد بقرية تفهنا الأشراف تخرجوا من كلية الزراعة كانوا يعانون من فقر شديد يريدون بدء حياتهم العملية فقرروا بدء مشروع دواجن حسب خبراتهم العملية وكانوا يبحثون عن شريك عاشر ، فجمع كل واحد منهم مبلغ 200 جنيه وهو كل ما يملكه كل واحد منهم ، لكنهم كانوا يبحثون عن شريكا عاشر لتدشين المشروع ولم يجدوا فقرروا جميعا تنفيذ نصيحة المهندس صلاح عطيه بأن يكون " الله " هو شريكهم العاشر من خلال التبرع بعشر الأرباح لمساعدة الفقراء والمحتاجين من أبناء القرية.
بالفعل تم كتابة عقد الشركة كتب فيه الشركاء العشرة وكان الشريك العاشر - الله - يأخذ عشر الأرباح 10% فى مقابل التعهد بالرعاية والحماية وتنمية المشروع فيما بينهم ، مرت الدورة الأولى من المشروع، والنتيجة أرباح لا مثيل لها وانتاج لم يسبق له مثيل ومختلف عن كل التوقعات، الدورة الثانية من المشروع ، قرر الشركاء زيادة نصيب الشريك العاشر - الله إلى 20%، و كل عام يزيد نصيب الشريك العاشر حتى أصبح 50%.
هنا تأتى عبقرية المهندس الراحل صلاح عطية وشركاءه فى استخدام أرباح الشريك العاشر فى بناء مؤسسات تعليمية بالقرية والقرى المجاورة، مازال الآلاف من أبناء الدقهلية والمحافظات المجاورة يستفيدون منها، فنجح فى بناء معهد دينى ابتدائي للبنين وآخر للبنات ومعهد إعدادي للبنين ومثله للبنات ومعهد ثانوي للبنين وآخر للبنات حتى وصل بهم الأمر لعمل بيت مال المسلمين بالقرية لمساعدة كل محتاج.
ومع زيادة الأرباح نجح فى عملية بناء فرع لجامعة الأزهر به أكثر من 4 كليات كلها بالجهود الذاتية حتى وصل بهم الأمر لعمل محطة قطار بالقرية لخدمة الطلاب ثم نجحوا فى بناء بيت طالبات يسع 600 طالبة وآخر للطلاب يسع 1000 طالب بالقرية، كما حرص المهندس صلاح عطية على مساعدة الفقراء والأرامل وغيرهم من الشباب العاطل لعمل مشاريع صغيرة تغنيهم من فقرهم وتجهيز البنات اليتامى للزواج.
قصة البطل المهندس صلاح عطية بها الكثير من التفاصيل التى لا يمكن حصرها منها ما هو معلوم ومنها ما هو غير معلوم لكن الأكيد هو ضرورة تكريمه وتخليده.