القرآن الكريم ذكر الطوفان ونوح عليه السلام وقصته مع قومه فى عدة مواضع، منها سورة الأعراف ويونس وهود والأنبياء والمؤمنون والفرقان والشعراء والصافات والقمر.
أما سورة نوح، فقد اشتملت على قصته كاملة وبتفصيل أكبر، وكيف لا يكون ذكره بهذه الصورة وهو من أولى العزم من الأنبياء بل هو أبو الأنبياء، حتى إننا لنرى أن قصته تسبق قصص جميع الأنبياء فى القرآن وفى جميع السور، لما لنوح من الشهرة، لدرجة أن العلماء يصفونه بأن «آدم» ثان للبشر ونجاة من نجا من أهل الطوفان ببركته.
كما ذكرته كل الكتب المقدسة، منها سفر التكوين، الذى يقول نصا: «وأمر الله نوحا أيضا بأن يعدّ الفلك بحيث لا يمكن للماء أن يخترقه».. وقال الله: «ها أنا آتٍ بطوفان ماء عظيم ومهلك العالم بكامله وكل من لا يكون فى الفلك يموت».
أما فى الحضارات القديمة، والمعاصرة، فهناك إجماع من كل الباحثين وعلماء الآثار والتاريخ، فى الحضارات المختلفة، على أن «قصة الطوفان» حقيقية، وتوافقت مع ما جاء فى الكتب المقدسة جميعها، وقد أحصى الباحث والمؤلف والشاعر النمساوى، هانس شيندلر بيلامى «Hans Schindler Bellamy» أكثر من 500 قصة وأسطورة تاريخية تحدثت عن الطوفان فى جميع أنحاء العالم، تنوعت بين حكايات دينية وأساطير تاريخية وتراث شعبى.
ومن هذه الحضارات القديمة، التى ذكرت الطوفان، بابل والصين وويلز وروسيا والهند وأمريكا وهاواى، والدول الاسكندينافية وسومطرة وبيرو، وكل حضارة من هذه الحضارات تناولت الطوفان الهائل الذى أغرق الأرض بطريقتها ونسختها الخاصة.
إذن الطوفان، ووفقا لإجماع كل الحضارات، وتناول أكثر من 500 قصة بشكل مختلف، لا مجال لنكرانه، ويكاد يكون الحدث الوحيد الذى أجمعت عليه الكتب المقدسة، والقصص والروايات التاريخية، كل بطريقتها الخاصة، مع اختلاف طفيف فى التفاصيل، واعتبر علماء الآثار والتاريخ، أن الطوفان، يمثل حدا ما بين حضارتين لبعض الشعوب، حضارة ما قبل الطوفان، التى غرقت واندثرت، ثم حضارة ما بعد الطوفان، والنجاة، وقد أبرزت ملحمة «جلجامش» على سبيل المثال هذا الحدث بعدة أسماء أهمها اتراحسس اوتونابشتم، وترجمتهما «الرجل الخالد» والمعروف فى النصوص الدينية، أن نوح عليه السلام صاحب حدث الطوفان عاش قرابة الألف عام، وهى أطول فترة عاشها إنسان.
ورغم ذلك، ويا للعجب، فإن الحضارة المصرية لم تذكر شيئا عن هذا الطوفان، بل ذهب بعض الباحثين والمؤرخين إلى تأكيد أن الطوفان لم ينل من مصر، بدليل أن التواريخ التى سجلتها القصص والروايات، الدينية والتاريخية، خاصة سفر التكوين، تؤكد أن الطوفان قد حدث تقريبا عام 2460 قبل الميلاد، وهو تاريخ إن صح، فإنه يأتى بعد بناء الهرم الأكبر بعدة قرون، فكيف لطوفان أغرق الأرض ومن عليها، لم يصل لمصر، ولم يغرق كل الآثار المهمة للدولة القديمة على رأسها الأهرامات وأبوالهول، ومن ثم فإن مصر تكون قد نجت من غرق الطوفان..؟! وإذا كانت التواريخ خاطئة، وأن الطوفان نال من مصر مثلما نال من كل شىء على وجه الأرض، فلماذا لم تسجله الشواهد الأثرية والوثائق التاريخية المصرية، التى خلفها الأجداد بعد الطوفان، مثلما ذكرته كل الحضارات القديمة الموازية للحضارة المصرية والمعاصرة..؟!
الطبيب والباحث الفرنسى الشهير «موريس بوكاى» اعتكف على دراسة الكتب المقدسة التوراة والإنجيل والقرآن، وعكف على مقارنة قصة فرعون فى الكتب الثلاث، وتوصل لنتائج مبهرة، فى كتابه «التوراة والأناجيل والقرآن الكريم بمقياس العلم الحديث»، وأعلن إسلامه، ودشن مقولته الشهيرة: «القرآن فوق المستوى العلمى للعرب، وفوق المستوى العلمى للعالم، وفوق المستوى العلمى للعلماء فى العصور اللاحقة، وفوق مستوانا العلمى المتقدم فى عصر العلم والمعرفة فى القرن العشرين ولا يمكن أن يصدر هذا عن أمىً وهذا يدل على ثبوت نبوة محمد وأنه نبى يوحى إليه».
وللحديث بقية إن شاء الله.. إن كان فى العمر بقية..!!