الحديث عن سيدنا سعد بن أبى وقاص يكشف كيف كان حال المسلمين من العزم والجهد والرغبة فى صناعة الحضارة.
إنه الصحابى الكبير سعد بن أبى وقاص، من أخوال النبى عليه الصلاة والسلام، كان من أول ثمانية دخلوا فى الدين الإسلامى، وكان ذا حرفة مهمة هى صناعة السهام، لذا هو أول من رمى سهما فى الإسلام.
تقريباً لم يغب سيدنا سعد عن أى من المعارك الإسلامية، فقد شهد غزوات بدر وأحد والخندق، وخيبر، وتبوك، كما شهد فتح مكة، وكان دوره مشهودا فى كل هذه هذه الغزوات.
وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يحبه ويثق به ويعتمد عليه فى كثير من الأمور، لذا أرسله مع على بن أبى طالب والزبير بن العوام رضوان الله عليهم فى مهمة استطلاعية عند ماء بدر، وفى صلح الحديبية كان سعد بن أبى وقاص أحد الشهود، إضافة إلى ذلك شارك رضى الله عنه فى عدة غزوات ومعارك بعد وفاة النبى عليه الصلاة والسلام، حيث شهد دومة الجندل، وخرج مع أبى بكر الصديق إلى الأعراب الذين طمعوا بالمدينة بعد خروج جيش أسامة منها، كما أنه قائد معركة القادسية ضد إمبراطورية الفرس، حيث تولى قيادة جيش المسلمين فى بلاد فارس والعراق، وتمكن رغم مرضه، فقد امتلأ جسده هناك بالدمامل، فكان يشرف من مكان عال على الجيش ويأمر وينظم حتى استطاع بقدرته القيادية من هزيمة الفرس فى تلك المعركة، وهى واحدة من أهم الخطوات الإسلامية فى سبيل اتساع الدولة، فقد كان الفرس قوة لا يستهام بهان وحضارة لها تاريخ طويل.
وظل سعد يحمل اسمه وتاريخه معه حتى رحيله فى العام الخامس والخمسين للهجرة، وقيل عام ثمانية وخمسين، وكان يبلغ من العمر ثلاثاً وثمانين سنة، وهو آخر من توفّى من المهاجرين، وقبل وفاته أوصى رضى الله عنه بأن يكفّن فى جبّتة الصوفيّة التى ارتداها يوم ملاقاته للمشركين فى غزوة بدر.
وبعد سنوات من رحيل سيدنا سعد ذكرت كتب التاريخ عن ابنه (عمر) الذى قاد جيش يزيد بن معاوية بن أبى سفيان وأحاط برجال ونساء وأطفال الحسين وأخوته وأبناء عمومته وقتلهم، لكن ذلك شيء آخر لا يسأل عنه إلا صاحبه "فلا تزر وازرة وزر أخرى".