فى سورة الفجر، أخبرنا المولى عز وجل، بأن «إرم» مدينة عظيمة لم يخلق مثلها فى البلاد، عندما قال: «ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التى لم يخلق مثلها فى البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذى الأوتاد الذين طغوا فى البلاد».
فبجانب عظمة وقيمة مدينة «إرم» وبناياتها الشهيرة، التى لا مثيل لها فى البلاد، فإن القرآن الكريم ربط بينها وبين قوم ثمود الذين جابوا الصخر بالواد، وأيضا فرعون ذى الأوتاد، وهو ربط يؤكد عظمة تلك الحضارات وما خلفته من شواهد أثرية من قصور وأبنية عجيبة وأهرامات ومعابد ومقابر، بالإضافة إلى النحت فى الصخر، وأن هذه الشواهد الأثرية العظيمة، جميعها تقع فى المنطقة المحصورة ما بين العراق والجزيرة العربية واليمن والأردن وفلسطين ومصر، وهى المنطقة التى ذُكرت فى كل الكتب المقدسة، كونها شهدت ظهور كل الأنبياء والرسل من آدم عليه السلام وحتى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..!!
وبما إن «إرم» مدينة عظيمة، تضم بنايات شبيهة ببنايات المدن الأسطورية، وتفوق عظمة الحضارة المصرية وما خلفه قوم ثمود، فلابد أن تكون فى مكان ما واضح وعلنى، ولا يحتاج لجهد كبير فى البحث والتنقيب عنها واكتشافها، لتكون مزارا دينيا جوهريا، يمنح الدروس والعبر.. ولكن السؤال اللغز، أين أثار هذه المدينة، وهل هناك موقع معلوم على وجه التحديد..؟! وهل بالفعل تم العثور على آثار المدينة فى أواخر القرن الماضى، بعد أن تمّت إزالة الأتربة عنها، والتى تنتصب فى عمق الصحراء؟!
كل الروايات تشير إلى أن «عاد» هو أحد الشّعوب العربيّة التى سكنت فى المنطقة الممتدة ما بين اليمن وعُمان، وأرسل الله لهم هوداً نبيّاً، فرفضوا الاستجابة لدعوته، فغضب الله عليهم وأرسل إليهم عاصفةً قويّة أبادتهم عن آخرهم، باستثناء النبى هود وكل من آمن معه.
وكان قوم عادٍ يعبدون الأصنام، واتّخذوا من ثلاثة أصنام آلهةً لهم هم صداء وصمود والهباء، وعندما جاء النبى هود طالبهم بترك عبادة الحجارة، ودعاهم لعبادة الله لاتّقاء عذاب يوم القيامة، فقابله قومه بالاحتقار، ووصفوه بالسفيه والكاذب والطائش، واستمرّوا منغمسين في شهواتهم وعصيانهم للدعوة، فأرسل الله عليهم ريحاً عاصفةً محملةً بالأتربة والغبار.
الدكتور زاهى حواس، قال منذ أيام فى مقال له، إن موضوع قوم عاد وثمود ما زال يمثل لغزاً لعلماء الآثار؛ ويحاول كثير من العلماء، خصوصاً من العرب، أن يربطوا بين كثير من المواقع التي تقع في جبال الجزيرة العربية وقوم عاد وثمود، مؤكدا أنه تم العثور على بعض المواقع في جنوب اليمن، عندما كان يعمل خبيراً للجامعة العربية، والعثور على كتابات ثمودية سُجلت على أعالى، والصخور العاتية..!!
وجزم زاهى حواس، بأنه يتمسك بحذره فى الربط بين ما ذكره القرآن الكريم وبين ما ذكره التاريخ وبعض المواقع الأثرية أو بعض الشعوب التي عاشت فى هذه المناطق، ولا يمكن التأكيد على أنه تم اكتشاف آثار مدينة «إرم» التى لا مثيل لها فى البلاد؟!
وللحديث بقية إن شاء الله.. إن كان فى العمر بقية..!!