كان زيد بن الخطاب من الصالحين فى الأرض، وكان من السابقين فى الإسلام، حتى أنه أسلم قبل أخيه عمر بن الخطاب.
«والله لا أتكلم حتى يهزمهم الله، أو ألقى الله فأكلمه بحجتى»، هذه كلمة زيد بن الخطاب وهو يستعد للدخول فى معركة من أهم المعارك فى التاريخ الإسلامى هى اليمامة التى دارت رحاها بين المسلمين وبين المرتدين فى زمن الخليفة أبو بكر الصديق.
وكانت حرب الردة أياما صعبة على المسلمين، لأنه لما خرج مسيلمة الكذاب مدعيا مشاركته النبى فى الرسالة اضطر كثير من قومه لمناصرته مع علمهم بأنه كذاب، لكنها العصبية هى التى دفعتهم لذلك، ومن ناحية أخرى كانت أياما صعبة، لأن القبائل التى ذهب المسلمون لقتالها كانت متحصنة وتعرف أرض المعركة جيدا، وقد استطاعوا فى بداية الأمر أن يظهروا بأسا شديدا على المسلمين ولولا رجال يحبون الشهادة أمثال زيد بن الخطاب لكان هناك قول آخر، ولأنه كان يحمل راية المسلمين، لذا كان هدفًا لجيش المرتدين حتى تسقط الراية فيكون ذلك سببا فى هزيمة المسلمين، إلا أن «زيد» كان يصيح فى الناس «أيها الناس، عضوا على أضراسكم، واضربوا فى عدوكم، وامضوا قدمًا».. وقال: «اللهم إنى أعتذر إليك من فرار أصحابى، وأبرأ إليك مما جاء به مسيلمة وأصحابه»، وظل يفعل ذلك حتى استشهد.
ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى يفعل فيها زيد ذلك، ففى غزوة أحد أراد الله للمسلمين أن يتعلموا درسا فى حياتهم المقبلة، فبعد النصر دارت عليهم الدائرة، وتقدم المشركون وأحرزوا نصرا، ووقف النبى يقاتل وقليلون معه، ومنهم زيد بن الخطاب الذى حمل سيفه وسقط درعه فأبصره أخوه عمر بن الخطاب فأشفق عليه وأراد أن يعطيه درعه، فأبى زيد وقال: «إنى أريد الشهادة كما تريدها يا عمر».
وعن العلاقة بينه وبين أخيه أمير المؤمنين «عمر بن الخطاب» تحكى كتب التاريخ أنه بعد استشهاده رضى الله عنه حزن عليه أخيه عمر بن الخطاب حزنًا شديدًا، فعندما علم بموته قال: «رحم الله أخى سبقنى إلى الحسنيين أسلم قبلى، واستشهد قبلى»، وكان عمر يقول: إن الصبا لتهب فتأتى بريح زيد بن الخطاب، وأبصر عمر رضى الله عنه قاتل أخيه زيد فقال له: ويحك لقد قتلت لى أخا ما هبت الصبا إلا ذكرته.
وكان يقول لمتمم بن نويرة: «يرحم الله زيد بن الخطاب، لو كنت أقدر أن أقول الشعر لبكيته كما بكيت أخاك»، وكان متمم قد رثى أخاه مالكًا بأبيات كثيرة، فقال متمم، ولو أن أخى ذهب على ما ذهب عليه أخوك ما حزنت عليه، فقال عمر: ما عزانى أحد بأحسن مما عزيتنى به.