الجماعات الإرهابية فى شمال سيناء تلفظ أنفاسها الأخيرة، نعم، هذا الهجوم اليائس على كمين البطل– الطريق الدائرى، أول أيام العيد، ومقتل 16 إرهابيا من كلاب النار، واستشهاد 8 أبطال من أفراد الكمين، يؤكد أمرين فى غاية الأهمية،الأول أن جهود الجيش والشرطة فى تلك المنطقة دفعت جماعات الإرهاب إلى الظهور فقط مع المناسبات الدينية الكبرى مثل عيد الفطر أو عيد الأضحى لإرسال رسائل حزينة إلى عموم المصريين، فهم حاقدون يأكلهم غيظهم على كل ما تحقق من مناخ أمنى واستقرار وضياع فرص الفوضى والتمكين التى كانوا يحلمون بها هم ومن وراءهم من أجهزة ودول، أما الأمر الثانى الذى يؤكده حادث كمين البطل فهو الضعف الشديد الذى طرأ على جماعة الإخوان الإرهابية والخلايا الإرهابية التابعة لها،على مستوى عدد المسلحين والخلايا والعمليات الإجرامية التى يرتكبونها، وهذا الضعف جعل أعضاء الإخوان يختفون خارج أراضى سيناء فى معظم الأحيان، ويعملون ألف حساب للضربات الوقائية ولعيون الصقور المفتوحة عليهم طوال العام، كما جعلهم يلجأون للتسلل والتجمع فى مناسبات معينة ويحاولون إثبات أنهم مازالوا موجودين على الأرض.
القتلى من كلاب الإرهاب سيمدوننا من خلال المعلومات الخاصة بهم والدوائر المحيطة بتحركاتهم وعلاقاتهم، بكثير من الخيوط التى يمكن أن نحقق من خلالها رصد وتتبع وإسقاط الخلايا الإرهابية النائمة بعمليات وقائية، وكأن شهداء كمين البطل الأبرار هم الذين يتولون حمايتنا مرتين مرة بدمائهم ومرة بما استطاعوا أن يسقطوه من الإرهابيين ويوفرون من معلومات حولهم حتى نحبط المزيد من العمليات الإرهابية فى المستقبل.
ونحن لا ندرك حجم الجهود المبذولة فى الضربات الوقائية لردع الإرهاب والإرهابيين، حتى تقع إحدى العمليات فنعرف عندئذ أن عشرات العمليات الأخرى المحتملة قد جرى منعها وضبط المخططين لها وكذلك عناصر التنفيذ.الضربات الوقائية أو الإجهاضية للخلايا والتنظيمات الإرهابية تسبقها جهود مكثفة ومتواصلة على صعيد جمع المعلومات وتصنيفها وتحليلها، وكذا وضع قوائم بالمتهمين والدوائر المحيطة بهم، وكذا الوسطاء الذين يمدون المتهمين بالسلاح والأموال ويوفرون لهم الملاذ الآمن ويعالجون الجرحى منهم، وبالتالى تتحرك فرق كبيرة ومتخصصة للعمل والمتابعة لكل إرهابى فى خلية نائمة وأطراف التواصل معه بشكل متزامن، مع أرشفة المعلومات التى يتم الحصول عليها من الداخل والخارج، حتى إذا تكونت صورة واضحة ومعلومات مؤكدة عن الخلية وأعضائها والأطراف المساعدة لها، يجرى التنسيق والتخطيط فى المرحلة الثانية للإيقاع بها، وبكل أعضائها إذا أمكن أو بمعظم الأعضاء المرصودين مع وضع بقية الأعضاء على رادار المتابعة والضبط.
عدو الأمس كان ظاهرا وواضحا معروفا ويمنحنا جيشا وشعبا فرصة التخطيط والتعامل معه لتحقيق النصر، أما عدو اليوم فهو شبح يسعى لنشر الخوف فى قلوبنا بنشر الشائعات والأخبار الكاذبة تارة أو بعمليات إرهابية تارة أخرى أو باستهداف رموز المجتمع تارة ثالثة، وكل ذلك وفق تخطيط مدروس لأشكال الحروب الحديثة قليلة التكلفة بالنسبة لقوى الاستعمار الجديد الذى يستهدف هدم مجتمعنا وكسر إرادتنا وهزيمتنا بأيدينا ومن داخلنا، ورغم خبث الفكرة وبراعة التخطيط، وتمكن المخططين، فإن مسعاهم ضدنا يتحطم على صلابة قواتنا وإصرار جيشنا وشرطتنا على حماية ترابنا ومجتمعنا حتى لو بذل فى سبيل ذلك الدم والروح.
إننا اليوم فى تحد لنشر الوعى الحقيقى بطبيعة المخاطر التى تحيطنا والعدو الخفى الذى نواجهه والجماعات المتطرفة داخلنا، التى تستخدمها قوى الاستعمار الجديد لهدم ما نبنيه، علينا جميعا المساهمة فى المعركة ضد الإرهاب والاستعمار الجديد بنشر الوعى بطبيعة هذه المعركة وأدوات العدو الجديد لهدمنا، من خلال العمليات الإرهابية الرمزية ونشر الأكاذيب والشائعات ومحاولات تيئيسنا، فالانتصار الحقيقى أن نكون يدا واحدة ومجتمعا متماسكا يبنى وينتج ويواجه الإرهاب فى وقت واحد.
وهؤلاء الإرهابيون وأطراف المؤامرة على بلدنا يجهلون أن مصر محمية ومحفوظة برعاية الله، كما يجهل هؤلاء الخونة أن أبناء الشعب المصرى لا تزيدهم الأعمال الإرهابية الحقيرة إلا إصرارا على مواجهتهم، واحتشادا لحصارهم والقبض على عناصرهم واقتلاع جذورهم.
ويجهل هؤلاء الإرهابيون وأعوانهم وعناصر المؤامرة على بلدنا أنهم مكشوفون تماما، المنفذون منهم للأعمال الإرهابية، أو عناصر التطرف العاملة على اجتذاب مزيد من الشباب والتغرير بهم بدعوى الجهاد، أو كتائب الإعلام المرئى الإلكترونى التى تروج للأهداف الغربية بصورة أو بأخرى للإبقاء على الأوضاع فى مصر غير مستقرة.
سننتصر على الإرهاب وداعميه لأن إرادة الحياة أقوى وأبقى من دعاة الخراب والقتل والكراهية والفوضى والفتنة، ورغم القيم المقلوبة والمزايدات الرخيصة والاستقواء بالخارج، لأن إيماننا بأن الله يدافع عن عباده المخلصين راسخ لا يتزعزع.