الكل يتعجب ويضرب كف على كف من ارتفاع أسعار الليمون فى الأسواق، ووصوله إلى 100 جنيه للكيلو، فى سابقة لم تحدث من قبل، محققا قفزات سعرية تزيد على 300% عن سعر العادل الذى يتراوح غالبا بين 30 إلى 35 جنيها، وفق ما تعلنه أسواق الجملة فى نشراتها اليومية.
الحقيقة الأزمة ليست مرتبطة بالليمون وحدة ولكن بكل أسعار الخضروات والفاكهة، التى يزيد فيها عدد الوسطاء بين البائع والمشترى، بصورة كبيرة جدا بحيث يتضاعف السعر مرتين أو ثلاث مرات على الأقل، فيتم التوريد من تاجر كبير، إلى تاجر أصغر، ثم إلى بائع فى محل صغير أو جائل، والسبب الرئيسى فى هذه الأزمة هو غياب أسواق الجملة، التى لها دور أساسى هام جدا فى ضبط الأسواق وتخفيض الأسعار، إلا أن هذه الأسواق للأسف لا توجد فى كل المحافظات، حتى يتمكن المواطنون أو صغار التجار من الوصول إليها، بالإضافة إلى وجودها على أطراف المدن وفى أماكن بعيدة نسبيا عن المناطق الحضرية التى يقطنها الناس، بما يجعل هناك تكلفة نقل مضاعفة على كل من يذهب إلى هذه الأسواق قد تشكل نحو 50% زيادة على الأقل فى تكلفة السلعة، بالإضافة إلى العمالة والوقت المستغرق.
وجود أسواق الجملة فى كل محافظة أمر ضرورى لمواجهة جشع التجار والموردين والباعة، ويقلل الفجوات السعرية الرهيبة بين سعر السلعة من الفلاح أو المزارع حتى تصل إلى يد المستهلك، ولذلك يجب أن تكون هذه الأسواق فى مناطق قريبة من المواطنين، وشوادر عامة تشرف عليها أجهزة الحكم المحلى والمحافظات، ويمكن استغلال الجمعيات الزراعية، وجمعيات تنمية المجتمع المنتشرة فى تكوين أسواق جملة صغيرة، لتقليل العبء على المستهلك، وتخفيض الأسعار ومواجهة الاحتكارات التى تتم فى بعض السلع.
صحيح الليمون ليس سلعة أساسية، تعتمد عليها الأسرة المصرية، ويمكن الاستغناء عنه لأشهر طويلة، فليس خبزا أو لحما أو سلعة استراتيجية غيابها يؤثر على الناس، إلا أنه نموذج صغير يبين حجم الاحتكارات التى يقودها بعض التجار فى الأسواق فى ظل غياب دور المحليات وضعف الرقابة من جانبها، إلى جانب ندرة أسواق الجملة، وهيمنة مجموعة من الأباطرة عليها، لامتلاكهم الأمول والعمالة ومنظومة النقل، التى تمكنهم من التوريد بأسعار جزافية لصغار التجار.
نحن نحتاج من المحافظات رقابة حقيقية على الأسواق ومتابعة دائمة لأسعار السلع الأساسية التى يستهلكها المواطن، لمواجهة أى محاولة لتعطيش الأسواق أو زيادة الأسعار بصورة غير مبررة، وعلى الرغم من أن السيارات المتنقلة التى تطلقها وزارة التموين بالتعاون مع جهات مختلفة فى الدولة تخفض الأسعار، وتقلل حجم الاحتكارات، إلا أنها غير كافية لضبط الأسواق وتحقيق الهدف المطلوب، فلم تصل بعد إلى القرى والمناطق البعيدة فى المحافظات المختلفة، ونحتاج إلى زيادة أعدادها وخطوط سيرها، حتى نواجه جشع المتاجرين بأقوات المواطنين.