س1: لماذا يفرحون ويشمتون ويهللون ويحتفلون؟!
ج: فى قلوبهم بعض من المرض أو كثير منه، كل على حسب مصلحته.
س2: لماذا تتذكرهم كلما قرأت قول الله تعالى: «أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ»؟
ج: لأن اختلافهم ليس رحمة، اختلافهم فجر فى الخصومة يدفعهم لأن يؤمنوا ويهللوا للإعلام الغربى إن نشر أو أذاع نقدا للسلطة التى يعارضونها، ويشككوا فى نفس الإعلام الغربى ويصمتوا تماما إن نشر أو أذاع إشادة بالسلطة التى يعارضونها.
هؤلاء الذين يفرحون بمقال لكاتب أمريكى أو قطرى أو تركى أو إخوانى هارب ينتقد السلطة المصرية أو يطعن فى الدولة المصرية، أو الذين يهللون لعناوين صحف غربية تتنبأ بخراب مصر مستقبلا، فى حاجة إلى جلسات علاج فورية قد تغسل قلوبهم من آية المنافق الثالثة المتعلقة بقلوبهم: «إذا خاصم فجر»، هؤلاء فى حاجة إلى التفرقة بين مسار معركتهم فى معارضة السلطة، ومسار فجرهم فى الخصومة الذى يحول خلافهم مع السلطة إلى هجوم على الوطن ذاته.
المواطن لم يعد كما كان، لا تستهويه الأصوات العالية والجعجعة التى يلجأ إليها نشطاء الـ«فيس بوك» وبعض رواد مواقع وفضائيات الإخوان، يشبه الأمر بالنسبة له حملات التجميد فى كل ما هو ليس مصريا تحت مظلة شعارات دينية وإسلامية، تغير المواطن ولم يعد يصدق هؤلاء الذين يحتفون بهجوم الغرب على الوطن وكأنهم يستدعونه لمساعدتهم، وهؤلاء الذين يكثرون من الحديث عن مؤامرة الغرب، بينما يهللون لأول سطر إيجابى تنشره صحيفة غربية عن مصر.
لا تكره الأوطان شيئا أكثر من هؤلاء، الذين يستدعون الخوف لنشر أفكارهم، أو الذين يستدعون الأجنبى فى أرض أوطانهم لخدمة مصالحهم، ويشبه الأمر هنا محاولات بعض النشطاء والإخوان استغلال بعض الأحداث الطائفية أو الاقتصادية لاستدعاء الورقة القديمة، ورقة اضطهاد الأقباط والاستقواء بالخارج لإنقاذهم، أو محاولة تخويف المنظمات الاقتصادية والشركات الكبرى بالمعلومات المغلوطة والأكايب بهدف إرباك توجههم نحو الاستثمار فى مصر.
فى كتب التاريخ صفحات سوداء تحكى عن أمراء سقطت عنهم شهامتهم، واختلطت رجولتهم بكثير من أعمال قلة الأصل وقطاع الطرق، ولم يمنعهم خجلهم أن يستعينوا على ملكهم ومملكتهم بجيوش عدو تنتهك حرمة بلادهم فى مقابل حصولهم على عرش بلا سلطة.
ستجد من هذه القصص الكثير، وفى هوامش صفحات كتب التاريخ ما هو مدون ليؤكد أن أغلب هؤلاء الذين استعانوا بمن هم فى الخارج ليمكنوهم على من هم فى الداخل كانوا يعانون كثيرا من قلة الحيلة، كانت حجتهم أضعف من أن تقنع الناس فى الشوارع، وكان شرهم أكبر من أن يمنعهم من تسليم البلد على المفتاح لغريب يدخلها بدافع تقديم العون والمساعدة ولا يخرج منها ولا حتى بالطبل البلدى.
راجع كتب التاريخ جيدا وستجد بها الكثير من الحكايات عن الاستقواء بالخارج وأهله، وذاكر ما بين سطور حكاياتها لكى تعرف تركيبة هؤلاء الذين غفلوا عن منطق «أنا وأخويا على ابن عمى وأنا وابن عمى على الغريب»، بل عكسوه تماما وجعلوا منه تيمة واحدة تقول: «أنا والغريب على أخويا وابن عمى طالما فى ذلك مصلحتى».
نحن فى مصر الآن نعانى من عشاق هذا المنطق، من هؤلاء الذين كلما داس لهم أحد على طرف صرخوا قائلين: والله لنقول لأمريكا ونفضحكم فى أوربا، وكأنهم يتكلمون على بلد لا يحملون جنسيته أو دولة لا يعرفون علمها، هؤلاء الذين لم يقرأوا كتب التاريخ، أو قرأوها ولم يفهموا أن فى نهاية كل حدوتة استقواء بالخارج «خازوق» كبير يحصلون عليه ومهانة أكبر يحصل عليها الوطن.
تخطئ الدولة بلا شك، وأحيانا تسقط فى فخ القرارات الخاطئة، وتعانى من بطء فى التعامل مع بعض الملفات، تلك عادة كل الدول والأنظمة، لا أحد معصوم من الخطأ، ولكن كل ذلك رغم قسوته لا يعنى أن نسمع عن تحريضات فيسبوكية للمنظمات الأجنبية للحديث عن فتنة فى مصر، أو نقرأ عن خطابات قبطية طائرة إلى واشنطن تطالب بالتدخل لإنقاذ الأقباط بعد حادث فتنة هنا أو أكذوبة طائفية هناك، أو رسائل إخوانية تطالب بلجان تحقيق دولية للتحقيق على أراض مصرية، أو مؤتمرات للإرهابيين تنادى المجتمع الدولى بالتدخل فى شؤون مصر الداخلية.. لأن كل هذه الحيل التى تدخل تحت بند الاستقواء بالخارج لا يمكن أن تجد تعريفا آخر لها سوى الخيانة.
أعلم جيدا أن بعض العبثيين من أهل البرلمان والإعلام يعشقون استخدام هذا الاتهام ويحترفون التلويح به فى وجه كل صاحب وجهة نظر مختلفة مع السلطة، وأعلم جيدا أن توجيه بعض الإعلاميين والخبراء الإستراتيجين هذه الاتهامات بالعمالة والخيانة إلى النشطاء والفئات المختلفة «عمال على بطال» هو أحد الأسباب التى انتزعت الكثير من خطورة فكرة الاستقواء بالخارج.
لا أحد يملك حق الاستقواء على مصر بدولة أجنبية، لا أحد يملك شرفا يمكنه أن يفرح بتحريض المنظمات الحقوقية ضد مصر ، أو الارتحال بين أروقة الكونجرس من أجل تشويه صورة القاهرة، مهما كان يرى حقوقا له ضائعة، أو فرصا له مسروقة، ولعل المصائب والكوارث التى عادت بمصر سنوات إلى الخلف كانت كلها بسبب الاستقواء بالخارج، فجاء الخارج ليحقق مطامعه ومصالحه بغض النظر عن مصالح مصر ومستقبلها، وآن الأوان لمن تستهويهم فكرة الصراخ باسم الخارح والاستقواء به أن يدركوا أن حل مشاكلهم لن يأتى على أكتاف الآخرين، وإن جاء فسيكون مغلفا بالعار، ولن يضمن لهم مكانا إلا فى سوق الخيانة.