ماذا يعنى أن 86% من مستخدمى الإنترنت ضحايا للأخبار المضللة؟، يعنى إن كل شخص يستخدم أدوات التواصل تعرض مرة أو مرات لهذه الأخبار وربما أعاد استخدامها ونشرها والتعليق عليها، ومشاركتها مع آخرين، فنظام الخوازميات يجعل انتشار أى معلومة يتم بمتوالية هندسية، يضاعف النشر مئات المرات، ويجعل من الصعب السيطرة على هذا.
وكل هذا يجعل المستخدم شريكا متعمدا إن كان عضو لجنة، أو اختياريا عن كان من هواة الظهور والرغبة فى التأثير، وهناك عناصر تتعلق بصناعة الأخبار ليس فقط بالإنترنت، أن الأخبار المثيرة حتى لو كانت مزيفة تنتشر بشكل أقوى مما يحدث مع الأخبار الحقيقية.
ويتضاعف الانتشار طبقا لنظرية كلاب الصيد، المعروفة فى الصحافة تشبه مطلق الخبر المثير بكلب الصيد الأول اللى يهوهو على الفريسة، بينما باقى الكلاب « تهوهو» على صوت «نباح» زميلها، وهى نظرية تبدو أكثر تأثيرا فى العالم الافتراضى ويعرفها محترفو الابتزاز، الذين يكررون ترديد الشائعة رهانا على أن التكرار يمنح كلامهم وبوستاتهم مصداقية، وهؤلاء يقومون بدور « كلب الصيد الأساسى الافتراضى الذى يمارس نباحه، ليجذب إليه آخرين يسيرون وراء النباح بينما هم لا يشاهدون أى فريسة وربما لا يعرفونها».
هناك دراسة نشرتها «بيتا ميديا ترانس» كشفت عن أن 6 من بين كل عشرة أخبار أو بوستات أو معلومات على فيس بوك، تفتقد للتوثيق والمصداقية، ولا تتعلق فقط بتزييف الأخبار، لكن بأخبار مفبركة أو معلومات القديمة يعاد بثها باعتبارها جديدة، أو الصور والأخبار التى يتم تداولها من دون ذكر للتاريخ أو المكان، وهى معلومات تبدو خارج نطاق التضليل المباشر، بالرغم من أنها تؤثر، باعتبار أن 60% من مستخدمى فيس بوك لا يفكرون فى النظر إلى تاريخ الخبر أو «اللينك»، بل لا يهتمون بالوصول لمصدر الخبر، ويعلقون بناء على عناوين، بالثقة المباشرة فى «الفريندز».
هذه الثغرات تسهل مرور الفبركة والتضليل، خاصة التى تتم بشكل مقصود، وهناك أمثلة متنوعة من العالم على الدور الذى لعبته الأخبار المفبركة، فى الانتخابات الأمريكية تعرض ناشط ديموقراطى يمتلك مطعما للاعتداء بعد انتشار خبر مفبرك على فيس بوك عن عنصريته وبعد تحطيم مطعمه اتضح بعد فوات الأوان أن الخبر خاطئ ووراءه منافسون، وفى بريطانيا أعلنت الحكومة أن عددا من الناخبين صوتوا فى البريكست بناء على معلومات مضللة تقف وراءها روسيا، وهناك نسبة من الأمريكيين يعتقدون أو الروس وراء التصويت لترامب فى الانتخابات الرئاسية، وفى سوريا نفذت الولايات المتحدة ضربات مرتين بناء على صور وفيديوهات عن استخدام النظام للكيماوى كشفت منظمة أطباء بلا حدود السويدية أن منظمة الخوذات البيضاء صنعت وصورا لضحايا وهميين وبعضها مشاهد تمثلية تم إنتاجها بقصد اتهام النظام السورى.
وفى مصر لا يمر يوم من دون نشر خبر أو تقرير مفبرك، بإعادة بث أخبار قديمة أو تزييف أخبار باستعمال لوجوهات لمواقع كبرى، تتضمن أرقاما وتصريحات يتضح أنها غير حقيقية، سواء فيما يتعلق بالتعليم أو الصحة أو الوزراء أو الثانوية العامة، أو يتم استخدام أخبار صحيحة لإنتاج أخبار أخرى مزيفة، مثل إعلان رفع أسعار البنزين قبل يوم، الأمر الذى أدى بالبعض للتزاحم أمام المحطات ليلة كاملة، حيث يتم استغلال التوقع لبناء قصص غير صحيحة تضاعف من حجم الشحن والغضب.
ومراجعة بسيطة تكشف عن عدد أخبار الوفيات الزائفة المتعلقة بفنانين وشخصيات مشهورة، وحتى قبل انتشار أدوات التواصل كانت الشائعات، وفى نهاية التسعينيات انتشرت شائعة أثناء حملة تطعيم ضد شلل الأطفال تزعم ان الطعم يصيب الأطفال، وبالرغم من نفى الحكومة، تسببت الشائعة فى إرباك الأسر التى تراجعت لأيام عن تطعيم اطفالها خوفا من العدوى الوهمية.
وكل هذا يدخل ضمن الشائعات الطبيعية، لكن الأمر يمتد إلى توظيف الفبركة فى صناعة أخبار تتعلق بسياسات أو صراعات، ومراجعة بسيطة لحجم التحليلات التى قدمها خبراء افتراضيون حول صفقة القرن أو أسعار العملات، أو أحداث السودان أو الحرب فى الخليج، أو التوقعات السياسية والاقتصادية، وهى معلومات يتضح مزيفة تتحول لمادة خام لتحليلات تجذب المزيد من اللايكات وإعادة النشر.