غالبًا ما تكتب تلك الجملة "صنع في مصر" على أغلفة المنتجات المختلفة التي تصنع في بلدنا الحبيب، ويملؤنا الفخر حين نراها على غلاف منتج ما في أحد البلاد الأجنبية أثناء سفرنا، ربما ارتبطت الجملة في أذهاننا بالمنتجات المصرية، ولكن لهذه الجملة أبعاد أعمق من ذلك بكثير، ففي العقدين الماضيين، دائمًا ما نتحدث عن التنمية والتغيير والإصلاح ويرفق البعض ذلك بضرورة تمثل النموذج "الماليزي" تارة، و"البرازيلي" تارة أخرى، وتمر السنوات ويضاف إلى قائمة النماذج نموذجًا جديدًا لبلد آخر، ويبقى السؤال: ألم يحن الوقت لكي نصنع النموذج المصري؟ ألم يأن الآوان للحديث الجاد والنقاش المجتمعي على جميع المستويات لصياغة نموذج مصري، وأن تصبح جملة "صنع في مصر" علامة على "النموذج التنموي المصري"؟
لفترة طويلة كانت الأدبيات السياسية تتحدث عن نظرية "نماذج التنمية" وكانت تطرح النموذج "الغربي" كنمط أوحد لكل البلاد الطامحة في اللحاق بالركب الحضاري، ولكن تعرضت تلك النظرية إلى نقد شديد حتى من الأجيال التالية لمؤسسيها، وبات الحديث عن أهمية استفادة الدول النامية من التجارب الحضارية والتنموية المختلفة كنوع من الاستئناس والاسترشاد ببعض عوامل نجاحها، ولكن مع ضرورة الحفاظ على الموروث الحضاري والثقافي الخاص بها.
عزز تلك الفرضية .. فرضية القدرة على التنمية والتغيير مع الحفاظ على الخصوصية الثقافية والحضارية .. نجاح عدة دول في تحقيق الحداثة والتقدم مع الحفاظ على هويتها وثقافتها مثل: اليابان والهند والعديد من دول جنوب شرق آسيا، ويعزز من تلك الفرضية أيضًا في الحالة المصرية، كوننا نتحدث عن موروث ثقافي وحضاري ثري ومتنوع، فنحن نتمتع في بلدنا الحبيب بما يمكننا وصفه بالـ "كوزموبوليتانية" الحضارية، وتداخل ثري لثقافات فرعونية وأغرقية ويونانية ورومانية وقبطية وإسلامية وعربية تجعل لدينا مخزون حضاري يكفينا لصياغة "النموذج المصري" وإنجاحها هذا النموذج ليتحول إلى "تجربة مصرية" ملهمة لغيرنا لنصنع تغييرًا وتنمية شعارها ... هذا النموذج التنموي الرائد قد "صنع في مصر".
* تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين