بقلم محمد فودة
تابعت عن قرب الافلام السينمائية المتنافسه فى موسم عيد الفطر المبارك وتوقفت طويلاً أمام حجم الايرادات التى كانت يوماً بعد الآخر تصب فى صالح فيلم "كازابلانكا" فقد بلغت تلك الايرادات حتى اليوم ٤٧ مليوناً و١٦٠ ألف جنيه ليحتل وعن جدارة موقع الصدارة وبفارق كبير بينه وبين الفيلم الذى يليه مباشرة .
والحق يقال فإن هذا النجاح منقطع النظير الذى حققه فيلم "كازبلانكا" قد قلب المعايير التى تتحكم فى شباك التذاكر رأساً على عقب ..خاصة أن تلك المعايير التى تتحكم فى وضع هذا الفيلم أو ذاك فى الترتيب المناسب كانت من قبل تعتمد فى المقام الأول على المقولة الشهيرة "الجمهور عايز كده" وبالطبع فإن هذا الجمهور كان الى وقت قريب يجرى وبشكل لافت للنظر وراء الافلام الكوميدية والتى تتضمن فى الغالب "توليفة" تكاد تكون معادة ومكررة فى معظم الافلام الكوميدية الى أن جاء فيلم " كازابلانكا" ليؤكد وبما لايدع مجالاً للشك ان امزجة الجمهور قد تغيرت وأن هذا الجمهور الذى كان يلهث وراء الكوميديا أصبح الآن يمتلك من الوعى ما يجعله يبحث عن الفيلم الجيد الذى يتضمن عناصر فنية جيدة من حيث السيناريو والتمثيل والاخراج حتى وان كان فيلماً من نوعية أفلام " الأكشن" فها هو فيلم "كازابلانكا" وهو فيلم حركة وصراع وقتل وعنف ولكنه بحكم ما يمتلكه من عناصر فنية شديدة الاتقان استطاع أن يخطف الجمهور ويتخطى حاجز الايرادات ويستحوذ على اهتمام الجمهور والنقاد على حد سواء.
اعتقد أن هذا النجاح الكبير الذى حققه فيلم "كازابلانكا" لم يأت من فراغ وإنما هو نتيجة طبيعية وحتمية لكل تلك العناصر التى اجتمعت فى الفيلم بداية من القصة التى كتبها بحرفية عالية السيناريست هشام هلال وكأنه كان يرسم على الورق شخصيات مليئة بالمتناقضات من خلال مشاهد يرتبط بعضها البعض برباط التشويق والإثارة ليتولى المخرج المتمكن بيتر ميمى من تحويل تلك الكتابة الرائعة الى مشاهد حقيقية وملموسه تجذب المشاهد وتجبره على متابعتها خاصة فى ظل تلك الكوكبة من النجوم الذين أجبروا المشاهد على أن يتابع مباراة فى الأداء الراقى والتمثيل الذى لا نملك أمامه الا أن نقف له احتراماً فالابطال الثلاثة لهذا الفيلم لا يمكن بأى حال من الاحوال أن تفرق بينهم من حيث قوة الاداء وبراعة التمثيل فتارة نرى أن النجم امير كرارة هو البطل الاوحد للفيلم خاصة أن أمير قد أصبح الآن يمثل نموذج البطل لدى الشباب ، ولكن نفاجأ فى لحظة اخرى ودون سابق انذار أن عمرو عبد الجليل قد خطف البطولة بأدائه المتميز بينما نجد النجم إياد نصار يفاجئنا هو أيضاً وقد احتفظ بالبطولة لنفسه فى الكثير من المشاهد وذلك فى مبارزة من حيث الأداء شديد الروعة بينه وبين أمير كرارة وعمرو عبد الجليل مما يجعل المشاهد فى حيرة فتنصهر كلمة البطولة فى بوتقة الأداء المتميز للثلاثة لنجد أنفسنا فى نهاية الفيلم أمام حقيقة مؤكدة وهى ان البطولة الحقيقية تكون من نصيب "صناع الفيلم" .
نعم ففى تقديرى الشخصى أن النجم الحقيقى فى هذا الفيلم هو الجهة الانتاجية فلو لم يتم توفير كل تلك الامكانات الانتاجية ما كان ظهر الفيلم على هذا النحو من التميز والجمال والرقى خاصة أن الفيلم يعد العمل الخامس لفريق العمل مما أحدث نوع من الانسجام والتوافق الكبير بينهم .. الى جانب كثرة عناصر الجذب والتشويق التى كانت السمة المميزة لهذا الفيلم .
خلاصة القول نحن الآن أمام فيلم جماهيرى يتسم بالقوة وبطعم " التميز" الذى تترجمه الايرادات التى تزداد يوماً بعد الآخر وبشكل لافت للنظر.