الصور التى تناقلتها وسائل الإعلام المحلية والعالمية للجمهور المصرى وهو ينظف المدرجات عقب انتهاء حفل افتتاح بطولة الأمم الأفريقية ومباراة مصر وزيمبابوى مساء الجمعة الماضية، تحولت إلى عادة جميلة وسلوك حميد فى مدرجات ملاعب البطولة المختلفة، يضاف إلى صور الإبهار والجمال التى قدمتها مصر فى افتتاح البطولة وحسن الإعداد والتنظيم.
جماهير البطولة انتشرت بينها عدوى الجمهور المصرى فى الحفاظ على المكان ونظافته وبالأمس شاهدنا صورا بديعة للجمهور الجزائرى الشقيق الذى يستحق التحية والتقدير وهو يقوم بجمع مخلفات الطعام وزجاجات المياه وغيرها فى أكياس كبيرة من مدرجات ملعب 30 يونيو- الدفاع الجوى بالقاهرة- عقب انتهاء مباراة فريق الجزائر الشقيق مع كينيا، والتى انتهت بفوز الفريق الجزائرى بهدفين دون.
هل هناك تفسير لهذا السلوك الذى نراه لأول مرة فى الملاعب المصرية وربما العربية والأوروبية؟؟
بالتأكيد هناك تفسير، فالمنطق يقول إن المقدمات تؤدى دائما إلى النتائج.. بمعنى أن الجهد الكبير والعمل الشاق من آلاف العمال المصريين لإنجاز المهمة فى الملاعب وما حولها وملاعب التدريب والتنظيم والتنسيق على أعلى المستويات حتى تظهر الصورة بالإبداع الذى شاهدناه وشاهده العالم كله.. كان رد فعله أكثر روعة من الجماهير التى استجابت وبحب شديد للتعليمات فى عملية حجز التذاكر وفى الدخول إلى المدرجات وعدم اصطحاب الأشياء الممنوعة، ثم الانضباط فى التشجيع وعدم الخروج عن الروح الرياضية فى الهتافات.. وحسن استقبال الضيوف والفرق المنافسة.
قلت قبل ذلك إن مصر عندما تريد والمصريون عندما يريدون يأتون بالمستحيل وغير المتوقع والمدهش فى العمل والإنجاز.. بالتالى هناك حالة ثقة وإعجاب شديد من الناس بما فعلته القيادة السياسية والحكومة بعد الموافقة على إنقاذ البطولة واستضافتها بدلا من الكاميرون وقبل أقل من 6 شهور وحققت ما لم تفعله دول أخرى فى سنوات.. فالإرادة توفرت والعمل الجاد والضمير كان حاضرا وكان رد الجميل ورد الفعل ما نراه فى المدرجات وفى السلوك الحضارى للجماهير.
وكل من رأى المشهد تمنى أن تستمر هذه الحالة الحضارية الأصيلة للشعب المصرى تسيطر على سلوكه وتصرفاته فى كل مكان فى المدارس والجامعات والمواصلات العامة والمؤسسات الحكومية وفى الشوارع وليس فى البيوت فقط، حتى لا ينطبق علينا ما يردده بعض الزائرين والسياح من مختلف الجنسيات بأن المصريين شديدى النظافة فى منازلهم لكنهم عكس ذلك خارجها..
فى الأخير يبقى السؤال المحير.. هل بطولة الأمم الأفريقية هى حالة استثنائية فى سلوك المصريين وستزول سريعا عقب انتهاء البطولة.. كيف يمكن استغلال ما حدث ويحدث فى البطولة حتى الآن، حتى يتحول إلى سلوك دائم فى حياتنا لأنه الأصل والقاعدة وليس الاستثناء.
عموما ينبغى توجيه التحية إلى الجمهور المصرى والجزائرى والمغربى والتونسى والجماهير الأفريقية التى أعطت للعالم نموذجا فى السلوك الحضارى ربما نراه قريبا فى الملاعب الأوروبية..