المقهى المزدحم على غير عادته.. والرواد مختلفو الأعمار هذه المرة يرتدون تيشيرتات حمراء مدونا عليها اسم مصر وكأنهم على اتفاق سابق، شاشة كبيرة فى حديقة المقهى بخلاف شاشات منتشرة فى كل الزوايا.
كانت عقارب الساعة تسير ببطء على غير عادتها، وعندما تم الانتقال وبدأ حفل الافتتاح تم التصفيق ودوت صافرات الجمهور، رافعًا علم مصر والفرحة على الوجوه لا تخطئها العين، فالابتسامة لا تفارقنا ككل الموجودين، وفى قريتى ككل القرى المصرية، احتشد المصريون فى مراكز الشباب أمام شاشات عرض عملاقة وفرتها المحافظات للجماهير المصرية المتعطشة لمثل هذا الحدث الأبرز والأهم فى القارة السمراء، ولم لا ونحن على موعد مع أعظم افتتاح فى تاريخ كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم «كان ٢٠١٩» والتى انطلقت فعالياتها وتستمر حتى ١٩ يوليو المقبل؟
نعم، قدم المصريون حفل افتتاح أسطوريا لكأس أمم أفريقيا 2019 حيث تميز بالإبهار والرقى، وجمع بين التاريخ والحضارة المصرية مع الحداثة والتركيز على تجمع القارة السمراء على أرض مصر، فكانت ليلة استثنائية فى حياة مصر والمصريين وعشاق الساحرة المستديرة فى كل أرجاء القارة السمراء، وتظل مصر فى احتضان أبطال وشباب أفريقيا.
استاد القاهرة الدولى الذى نال إعجاب الملايين من رواد مواقع التواصل الاجتماعى، من جميع أنحاء العالم، وخاصة أبناء القارة الأفريقية والذى شهد حفل افتتاح مبهرا لكأس أمم أفريقيا 2019، تميز بالبساطة والإبهار والرقى فى آن، جامعًا التاريخ والحضارة المصرية مع الحداثة والتركيز على تجمع القارة السمراء فى القاهرة.
أرسلت مصر خلال هذه اللحظات آلاف الرسائل للعالم كله عندما كانت فى أبهى صورها «كانت مصر» الحقيقية التى قالت هنا الأمان وهنا الإبداع وهنا الإنجاز، وهنا كانت مصر وجاء بعدها التاريخ، لم تكن مشاهد الافتتاح وحدها المبهرة، فقد كانت هناك مبادرات فردية من الشباب المصرى بتنظيف المدرجات بعد انتهاء المباراة لبعث رسالة إيجابية من الشباب المصرى ومصر لكل دول العالم.
عظمة البطولة وقيمتها فى العدد القياسى من المكاسب القومية التى تحققها على جميع الأصعدة، فهى تقام فى وقت يتزامن مع اعتلاء مصر قمة الهرم السياسى فى القارة السمراء لتولى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة الاتحاد الأفريقى وهو حدث تاريخى وقفزة نوعية هائلة تدعو للفخر، ويعزز هذه الأجواء التاريخية العدد الكبير من الفرق الرياضية وهى البطولة الأولى التى تقام بـ24 فريقا.
كل الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى وأجهزة الدولة التى تمكنت من إنجاز هذا العمل، وعلى الجهود التى قامت بها من أجل الشكل المنظم الذى خرج به افتتاح البطولة، والآن علينا أن نستثمر تلك البطولة حيث يتابعها ما يزيد على 2 مليار شخص على مستوى العالم، وبالتالى ستكون فرصة كبيرة لإثبات قدرة مصر على تنظيم كبرى الأحداث العالمية، ومن ثم نوجه رسالة لكل دول العالم بأن مصر أصبحت فى مصاف الدول الكبرى.
كنا نشاهد الجمهور فى المدرجات وقد غطت ألوان الأعلام مدرجات استاد الرعب، كما يطلقون عليه فى أفريقيا، الذين رددوا هتافات «مصر.. مصر.. مصر»، ونفذوا موجة بشرية ضخمة قبل ساعات من نزول المنتخب إلى أرض الملعب لحثه على تعزيز الرقم القياسى وإحراز اللقب للمرة الثامنة، فعودة الجمهور للمدرجات كان من أهم المكاسب، فالهتافات والحرارة التى يبثها فى المستطيل الأخضر لها رونقها، فهو روح المدرجات ونبضها، فزادت روعة البطولة أنها تشهد إقبالا جماهيريا كبيرا، وهو ما وضح من خلال التجربة الإلكترونية التى طورها الشباب المصرى لتطبيق وموقع «تذكرتى»، وهو النظام الإلكترونى العملاق الذى يتم من خلاله استخراج بطاقة المشجع وحجز التذاكر الإلكترونية فى أجواء عادلة قضت على السوق السوداء والمحتكرين الذين سيطروا على الأسواق فى بطولات سابقة.
استحق المصريون كعادتهم إشادة العالم بحفل افتتاح كأس الأمم الأفريقية والتنظيم الذى أبهر العالم، ليثبت للعالم قدرة وقدرات مصر على تنظيم المحافل الدولية بشكل احترافى وعودة مصر إلى سابق ريادتها أفريقيا وعالميا، شهادة العالم ليس بالحفل فقط، بل بنجاح الدولة المصرية فى إبهار أفريقيا بما تمتلكه من أجهزة دولة على قدر المسؤولية ومؤسسات عملاقة وكوادر بشرية تمتلك الرؤية الواسعة والتخطيط الجيد والهادف فى ظل وفرة الإنشاءات والمنشآت والبنية الرياضية الهائلة والتى مكنت مصر من الاستعداد خلال 5 أشهر فقط، وقامت بأعمال تتطلب 4 سنوات على الأقل، كل هذا يفسر روعة هذا الشعب وعظمته التى لا يصل إليها أى شعب آخر غير المصريين.