لقبهم الجواميس، لكنهم على أرض الواقع تحولوا إلى ثيران متوحشة، خلال فعاليات أمم أفريقيا 2019 التى تستضيفها مصر حتى 19 يوليو الجارى.. أنهم منتخب مدغشقر الذى بات الظاهرة الأبرز فى البطولة .
منتخب مدغشقر وصل إلى مرحلة فى المنافسات لم تكن فى خيالهم أنفسهم أو ترشيحاتهم قبل انطلاق أمم أفريقيا التى تأهلوا إلى منافساتها لأول مرة فى تاريخهم، وتأهل الفريق الملجاشى إلى دور الثمانية للبطولة بعد الفوز على الكونغو بركلات الترجيح 4 - 2 فى المباراة التى جمعتهما بدور الـ16 وانتهى الوقت الأصلى منها بالتعادل 2 ــ 2 .. وكذا حصدوا جائزة أفضل فريق بدور المجموعات وفقا للموقع الرسمى للاتحاد الأفريقي لكرة القدم.
مدغشقر لم يحقق ما وصل إليه من إنجازات عن طريق الصدفة أو الحظ ، وإنما يبدو من مستواهم الحالى والنتائج التى يحققونها، مظاهر العمل الجاد المبنى على خطة طويلة الأمد، وهى التى بدأت بذور نجاحها فى التصفيات المؤهلة للكان، حيث فاجئوا القارة بأكملها وكانوا أول منتخب يصعد للبطولة بشكل رسمى وقبل ــ منافسه الكبير فى التصفيات ــ منتخب السنغال الذى يعد فى مقدمة المرشحين للتتويج باللقب القارى.. هذا رغم المشوار الطويل والمرهق كونهم خاضوا الأدوار التمهيدية المؤهلة لمجموعات التصفيات النهائية.
منتخب بلد رئيس الكاف أحمد أحمد.. وصلوا إلى القاهرة وكل الحسابات والترشيحات تصنفهم ليس أكثر من حصالة المجموعة الثانية التى يشاركون فيها .. هذا من وجهه نظر الآخرين نظرا لافتقادها لاعبيه للخبرة الكافية فضلا عن منافسته منتخبي نيجيريا وغينيا "الأكثر خبرة في البطولات الأفريقية"، وكل ما يمكن أن يحققوه هو العبور للدور الثاني ضمن شلة أفضل ثوالث.. ولكن وجهة نظر الجواميس بالتأكيد كانت مختلفة ويغلب عليها الطموح المرتبط بثقتهم فى قدراتهم على نطح الآخرين بقرونهم القوية والحادة.
ووسط ترقب من الجميع لما سيقدمه المنتخب الملجاشى فى البطولة باعتباره وافد جديد أما سيكون بالفعل حصالة أو يكون الحصان الأسود، وبالفعل فجر المفاجأت ولم يصعد فحسب وأنما تأهل من الباب الكبير بتصدر مجموعته على حساب منتخب نيجيريا العريق بعد مافاز عليه فى الجولة الأخيرة بهدفين دون رد، قبل أن يهزم بورندى ويتعادل مع غينيا.
منتخب مدغشقر يحظى بشكل كبير بدعم ومساندة القيادات الساسية فى بلاده ممثله فى شخص رئيس البلاد اندري راجولينا الذى وصل الإسكندرية قبل ساعات من مباراة الكونغو وبصحبته وفد رسمى على طائرة هى الأكبر فى العالم، وظهر فى مدرجات ستاد الإسكندرية خارج الأطار الرسمى والدبلومسى وبدا كمشجعا عاديا لبلاده متفاعلا مع كل هدف يحرزه منتخبه.
ما حققه منتخب مدغشقر لم يستغرق سوى 4 سنوات، تحول خلالها من فريق مغمور فى أفريقيا إلى أحد أصحاب المراكز الثمانية الأولى على مستوى القارة على الأقل هذا أن لم تتوقف مغامراته بالتقدم أكثر والتأهل لنصف النهائى.. وكانت بداية تكوين هذا الجيل من اللاعبين عام 2016 على يد مدربهم الحالى الفرنسي نيكولا ديبوي الذى لم يكن له تاريخ في عالم التدريب سوى مع أندية درجة رابعة وثالثة في الدوري الفرنسي، والذى اقتصر دوره لمدة عاما كمستشار فني لـ"الجواميس"، قبل أن يعلن توليه الإدارة الفنية رسميا للمنتخب في مارس 2017 ، وذلك بقرار من أحمد أحمد الرئيس السابق لاتحاد الكرة فى مدغشقر قبل توليه رئاسة الكاف.
بعد سرد السيرة العطرة عن كفاح منتخب وليد مثل مدغشقر، تبادر إلى ذهنى الوضع الحالى المزرى لمنتخبنا الوطنى بعد وداع البطولة التى نستضيفها على أراضينا من دور الـ16 فى حسرة وصدمة لم تكن فى الحسبان، رغم توافر كل الإمكانيات على كافة المستويات والتى إذا ما قارنتها مع الفريق الملجاشي ستكون مليون صفر على الشمال، فلك أن تعلم أن مدغشقر هى أفقر دولة فى أفريقيا .. طب ايه بقى ؟ واحنا فين من اللى عمله الجواميس واحنا الفراعنة؟!.