فى نهاية عام 2015 عقدت وزارة التربية والتعليم اتفاقا مع اتحاد الناشرين المصريين ينص على تزويد المكتبات المدرسية بكتب تتجاوز المليون جنيه، على أن يكون ذلك مجرد مرحلة أولى فى خطة طامحة لإعادة تغيير شكل المكتبات المدرسية التى هى بحاجة إلى تغييرات كبيرة وإضافات متعددة تصل إلى درجة التغيير الشامل فى المبنى والمحتوى، وبالطبع لم يحدث أى شىء واضح فى هذا الشأن رغم مرور ثلاث سنوات.
ويمكن القول إن لدينا أزمة مكتبات فى المدارس وفى الشارع أيضا، وليس من سبيل لتلاشى هذه الفجوة الرهيبة سوى أن يتدخل رجال الأعمال ويفكروا فى المشاركة فى إنشاء المكتبات، وأن يكون للمجتمع المدنى فى مصر دور فى إعادة تشكيل المكتبات الموجودة التى تملكها الدولة، أو إنشاء أخرى جديدة.
فمشاركة رجال الأعمال المهتمين بالثقافة فى إنشاء وإعادة الحياة للمكتبات هى سبيل مهم للنجاة من التردى الواسع الذى يهدد خيال الأطفال، لأننا جميعا نعرف أنه لا توجد فى مصر مكتبات بالقدر الكافى الذى يسمح بأن يتخرج طفل أو شاب من مرحلة مدرسية ما وتصبح لديه حصيلة قرائية جيدة تسمح له بأن يشكل وعيه الجديد بناء على المنطق الذى تسرب إليه من الأفكار، واعتمادا على الخيال الذى انتقل إليه من تفاصيل الكتابة، وفى العالم الحديث الذى يتشكل بسرعة لا يمكن أن يكون هذا حالنا.
نعم يمكن القول بأننا فى مصر نملك دور نشر لا تقارن بحركة النشر الموجودة فى العالم، لكنها معقولة نوعا ما، أما النقص الشديد فيتمثل فى المكتبات التى يملكها أفراد أو مجتمع مدنى، لذا نصبح وجها لوجه أمام المكتبات الحكومية بفقرها الشديد وبحاجتها الملحة للتطوير، ولكى نصل لنوع من التوازن فى هذه النقطة يجب أن يساهم رجال الأعمال المهتمون بالجانب الثقافى فى إنشاء عدد من المكتبات المستقلة فى القرى المتنوعة أو حتى يشاركوا بجزء فى إعادة الحياة للمكتبات العامة التابعة لقصور الثقافة وللمدارس العامة، خاصة فى القرى البعيدة التى ربما لم يتم تحديث مادتها منذ سنين عديدة، كما يجب على وزارة التربية والتعليم أن تنفذ الاتفاقية بينها وبين اتحاد الناشرين المصريين، وتنتقل للمرحلة القادمة وتبدأ بالمدارس النائية فهى الأكثر احتياجا.
السبل ليست متسعة كما ينبغى، وحدها الثقافة قادرة على أخذنا للأمام وإعادة تشكيل الوعى بما يحقق رخاء هذه الدولة، وأتمنى من الجميع أن يشارك.