حادث مأساوى جديد، شهدته قرية شطورة شمال محافظة سوهاج، عندما لقى 6 مواطنين ـ بينهم شباب ـ مصرعهم اختناقا فى بئر لمياه الرى، وهم يحاولون إنقاذ أولهم، ليرسم هذا الحادث ملامح الحزن على الوجوه قبل عيد الأضحى المبارك بأيام.
حالة من الحزن سيطرت على القرية بأكملها على فراق المواطنين الستة مرة واحدة، فيما انهمرت دموع أهالى القرية لدى دخول الجثث الستة المقابر قادمين على متن سيارات الإسعاف، فى مشهد أعاد للأذهان حادث "حريق شطورة" الذى شهدته نفس القرية قبل 5 سنوات من الآن، وراح ضحيته نحو 40 مواطنا وعدداً من المصابين.
"الشهامة القاتلة"، تقف أحياناً وراء وفاة المواطنين، فى القرى التى دأب الجميع فيها على إنقاذ الملهوف ومساعدته مهما كلفهم الأمر، حتى لو وصل لدرجة وفاتهم من أجل إنقاذ نفس بشرية "من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا".
قبل ربع قرن من الآن، حيث كنا صغاراً بالقرية، نرى النيران تندلع فى مكان ما، أو "جرن" لمحصول القمح في موسم الصيف، فيهب أهالى القرية نحو النيران فى شجاعة، يلتفون حولها، ولا يتوقفون حتى يسيطرون عليها.
وقت المصيبة، لا يفكر أحد في نفسه، ولا يبخل بمجهوده، ولا يعبأ بشىء سوى إنقاذ الملهوف، فهى أخلاقيات القرية، وقيم تربوا عليها منذ نعومة أظافرهم، ربما ينتهى المشهد بكارثة، وربما يسجل الشباب الذين يحاصرون النيران أسمائهم ضمن الوفيات، لكن غيرهم يكررون نفس الأمر لو تكرر المشهد دون خوف على حياتهم، فالشهامة لديهم شىء فطرى يتحرك داخلهم ويحركهم بشكل طبيعى.
وعقب وقوع المصائب، بعد تقديم واجب العزاء لأسر المتوفيين، لا ننسى التنبيه على المسئولين بمحافظة سوهاج بأهمية النظر بعين الاعتبار لهذه القرى المحرومة من بعض المرافق، وعلى رأسها "شطورة" مصنع تصدير النوابغ والعلماء، فبالرغم من مرور سنوات عديدة على الحريق الأضخم بالقرية، بسبب مخزن وقود ووعود بإقامة محطة وقود حديثة ما زال هذا الحلم حبيس الأدراج، فضلاً عن حاجة المواطنين لمزيد من المرافق الخاصة بمشروعات الرى الحديث، والانتهاء من مشروع الصرف الصحى ورصف الطرق، وغيرها من الخدمات الأخرى التى تنتظرها القرية.