تشاهد الصورة الكلية، خارج الإطار، تبتهج، وتندهش من روعة الصورة، وإبداع ومهارة حامل العدسة التى التقطتها، وتحاول أن تؤطرها بإطار من المعادن النفيسة، وتضعها فى أفضل وأروع مكان تمتلكه.
ثم يأتى عامل صغير ليحمل الصورة ويعلقها فى المكان المختار، وبمنتهى الإهمال لا يعتنى بحملها أو أن يكون فى أعلى درجات تركيزه، وفى أعلى درجات يقظة ضميره، ويمتلك القدرة على الاستيعاب بأن ما يحمله ليس صورة فحسب، وإنما قيمة كبرى، فتكون النتيجة أنها تقع من يده أو يصطدم بها فى الحائط، فيتحطم جزء من الصورة، فيغضب أصحابها، لحظة، ثم يصلحون ما تم إتلافه، فتستمر أفراحهم بالصورة، ولن يفسدها إهمال العامل.
هذا هو بالضبط، ما يحدث فى مصر، فهناك قيادة تصارع الزمن فى معركة قوية، وتبذل من الجهد الخرافى، ما يدفع الكثيرين إلى التعجب، ويطرحون الأسئلة، متى حدث ذلك؟ مثل مئات المشروعات الكبرى، التى يفاجأ المواطن بوضع حجر الأساس لها بعد انتهاء العمل منها، عكس ما كان يحدث طوال نصف قرن من الزمن، عندما كان يتم وضع حجر الأساس لمشروع ما، ويظل المشروع عشرات السنين متوقف العمل فيه.
قيادة لديها مشروع إعادة شباب هذا الوطن، بعد وصوله لمرحلة الشيخوخة، و«فرمطة» كل المؤسسات، بما يواكب أدوات العصر، ومسايرته والتعاطى معه بكل قوة، وتسير فى مسارات تحقيقه، دون الالتفات لعقبات أو تعطيل من مطبات صناعية يحاول بنائها أعداء وخونة الداخل والخارج، وشعور هائل بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية تجاه الوطن وشعبه من أنه لزاما ولابد من الدفع به فى مصاف الكبار، وهى أمور يستوعبها رجل الشارع البسيط قبل المثقفين والنخب.
وإدراكا من رأس السلطة فى مصر، ضرورة مصارعة الزمن، والانتصار عليه فى معركة حامية الوطيس، قرر تدشين مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، قاطرة مصر الحقيقية نحو المستقبل، وواضعة قدميها بين الكبار، وإعادة شبابها، وهو ما يتطلب كوادر مؤهلة وقادرة على العمل بإتقان والابتكار المستمر، لذلك هناك أكثر من 50 ألف كادر يتم إعدادهم وتدريبهم للتعاطى مع عقل الدولة، وما يترتب عليه من القضاء على كل أمراض الإهمال المزمنة، التى انتشرت فى جسد مصر طوال عقود طويلة.
بدء التوصيف والعلاج، وفقا لنجاح رأس السلطة المصرية فى تشخيص المرض، يمثل نجاحا مبهرا، وأن أسباب المرض من وجهة نظرى الإهمال الساكن والمقيم فى كل دهاليز وأروقة المؤسسات والهيئات والإدارات، التى تكتظ بملايين الموظفين، وأن معظم هؤلاء الموظفين صاروا معطلين، وأن إهمال موظف صغير، فى هيئة أو إدارة ما، أو تقاعس أمين شرطة فى تنظيم المرور فى الشارع وعدم تطبيق القانون بحسم وعدالة مطلقة، أسباب قد تفسد جزءاً من أفراحنا بالتطور المذهل والانجازات الضخمة التى تتحقق على الأرض، بعض الوقت، وليس كل الوقت.
أمين شرطة لا يقف بالمرصاد للذين يسيرون عكس الاتجاه، خاصة من سائقى «الميكروباصات والتكاتك» أو سائق قطار يفتقد لكل عوامل تقدير المسؤولية الملقاة على عاتقه، حق تقدير، فينزل من جرار القطار ويتركه يسير بمفرده، فتحدث كارثة، ثم يحاول المغرضون النَيل من المجتهدين الذين يعملون ليل نهار ولا يدخرون جهدا فى أعمالهم، بإلصاق الاتهامات المطاطة من عينة التقصير، وغياب الرقابة وخلافه..!!
وبعيدا عن طنطنة الكلمات أو تزيين المصطلحات الغليظة، فإن هناك حقيقة واضحة وضوح الشمس فى كبد السماء، تقول بصوت زاعق إن الدولة لديها مشروع مبهر لـ«فرمطة» مصر، يسير وبمعدلات سريعة، وعبقرية، ستقضى على كل أمراض الإهمال المزمنة، وتعيد لجسد مصر حيويته ونشاطه وشبابه الدائم.. فلتحيا القيادة الحالية التى تحمل أعباء جسيمة، ونرفع لها القبعات، احتراما وتقديرا وإنصافا لجهدها وعملها على أرض الواقع، فلا يمكن أن نكون من هؤلاء الذين يبخسون الناس أشياءهم..!!
ولك الله.. ثم شعب واع وصبور.. وجيش قوى يا مصر...!!