إذا حالفك الحظ لأداء فريضة الحج، فلن تخلو رحلتك من زيارة المدينة المنورة، حيث قبر الحبيب صلى الله عليه وسلم ومسجده.
هدوء غير عادى، وطمأنينة لا توصف تدخل لقلبك مباشرة، لدى دخول قدمك مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فيكاد قلبك يتحرك من مكانه.
تتحرك قدمك بهدوء ويتحرك معها قلبك، لتجد نفسك تقف أمام حضرة النبى، حيث قبره الشريف، لتبدأ بالسلام عليه صلى الله عليه وسلم بأدب وصوت منخفض، قائلاً: "السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته اللهم آته الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذى وعدته، اللهم اجزه عن أمته أفضل الجزاء، ثم يتحول إلى يمينه قليلاً ويقف أمام قبر أبى بكر الصديق رضى الله عنه فيسلم عليه ويدعو له بالرحمة والمغفرة والرضوان، ثم يتحول قليلاً مرة أخرى إلى يمينه ويقف أمام قبر عمر رضى الله عنه فيسلم عليه ويدعو له بالرحمة والمغفرة والرضوان".
هنا ترتاح القلوب وتسمو النفوس، فأنت داخل المسجد النبوى، مهجر النبى صلى الله عليه وسلم ومثواه، فهو من الأماكن التى يُسن شد الرحال إليه، كما قال عليه الصلاة والسلام: "لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدى هذا، والمسجد الأقصى".
وبالرغم من أن زيارة المسجد النبوى ليست شرطاً، أو واجباً فى الحج، بل ليس لها أى رابط أو صلة بالحج، وليس لها إحرام، إلا أنها مشروعة ومستحبة فى أى وقت طوال العام، وخاصة لمن وفقه الله عز وجل ويسر له الوصول إلى بلاد الحرمين الشريفين.
ويُسن للزائر الذهاب إلى المدينة النبوية للصلاة فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم الذى عّد الصلاة فيه خيراً من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، فالصلاة فى المسجد الحرام بمائة ألف صلاة.
هنا تتحرك وسط جموع الحجاج بملابسهم البيضاء مثل قلوبهم، ويجول بخاطرك مواقف وقصص الرسول الأمين مع أصحابه، وكيف قدموا قصص النبل والوفاء والإخلاص، وتحملوا ما لا تتحمله الجبال من أجل المحافظة على الأمانة التى أبت السموات والأرض والجبال على حملها وأشفقن منها.
هنا ينسى الإنسان كل شىء، مشاكله وخصومه ومعاركه وهمومه، ينسى زوجته وأسرته وأخيه وبنيه وفصيلته التى تأوي، ولا يفكر فى شىء سوى هذا المشهد الروحاني.