لا أتصور أن مواطن يصطحب ابنه أو ابنته للتقديم فى المدرسة، بعد معاناة وجلسات استماع مع أصدقاء ومقربين من العائلة أو زملاء العمل، لترشيح هذه لكفاءة مدرسيها أو رفض تلك لبعدها عن المنزل، ويكو ن ضمن إجراءات القبول شرط أساسى، ليس له علاقة بالمجموع أو التأهيل العملى أو النشاط الرياضى أو التحصيل الدراسى، لكنه عبارة عن تبرع بمبلغ من ألف إلى 3 آلاف جنيه لشراء " مراوح " أو " كولديرات " أو " حنفيات" ومقاعد ولمبات، نقدا أو بشيكات.
وزارة التربية والتعليم تقدم تحذيرات دورية للمدارس فى مختلف المحافظات بضرورة عدم قبول أى تبرعات من أولياء الأمور لدعم المدارس، مراعاة لمحدودى الدخل وإرساء لمبدأ مجانية التعليم التى نص عليها الدستور ويكفلها القانون وترعاها الدولة، من أجل بناء عقول قادرة على مواجهة تحديات المستقبل التى باتت أكبر وأعقد من أى فترة مضت.
نحتاج أن تتسلح المدارس بالعلم والتدريب لا بالكولديرات والمراوح، التى بالمناسبة لا نجدها ولا ينتفع بها الطلاب رغم التبرعات التى يتم جمعها والأموال التى خارج سيطرة الرقابة أو يتم وضعها فى خزينة المدرسة تحت حساب العجز أو الزيادة أو للإنفاق منها على "الكانتين".
الغريب أن كل الشكاوى التى تأتى من تبرعات المدارس تؤكد أن المدرسة تريد الحصول على التبرع دون إيصال، أو أى إثبات يفيد التبرع بالمبلغ كبيرا كان أو صغيرا، نظرا لأن وزارة التربية والتعليم تمنع هذا الإجراء وفق اللوائح والقوانين المعمول بها، وأحيانا تطلب أن يكون التبرع فى صورة أجهزة ومعدات لا فى صورة أموال من باب درء الشبهات عن أن هذه الأموال توضع فى الجيوب أو يتم تقسيمها بصورة أو بأخرى على بعض المستفيدين.
المشكلة كبيرة وتحتاج إلى تدخل فورى وعاجل من وزارة التربية والتعليم من أجل وضع ضوابط صارمة لها، فهناك من يملك بالكاد قوت يومه ويحرص على تعليم أبنائه، مهما كانت ظروفه وما يعانيه من أعباء، ولا يمكن أن يكون قرار نقل طالب لمدرسة قريبة من سكنه أو أفضل بالنسبة لتعليمه وتحصيله الدراسى عبئا على أسرته وترسيخا لمبدأ " شخلل عشان تعدى" ، لا يمكن أن نخبر أولياء الأمور بأن المدرسة لا مكان بها والكثافات مرتفعة، لكن إذا أحضرت كولديرا أو مروحة أو تكييف لغرفة المعلمين أو حجرة المديرة سنخلق لك المكان وتختفى المشكلة.
الدولة تدفع مليارات سنويا لترميم المدارس وإصلاحها وإضافة فصول جديدة، والحصول على تبرعات من أولياء الأمور بأى صورة وتحت أى مسمى غير قانونى، ويعد فساد إدارى، يستحق المساءلة والعقاب، ومجلس الأمناء فى المدرسة وحده هو من يحق له التبرع، وما دون ذلك التفاف على القانون ومحاولة من باب " الحداقة " لسرقة المواطن.