كلما شاهدت إصدارا جديدا لمجلة الهلال أفرح حقيقة، وأقول فى نفسى كيف استطاعت هذه المجلة أن تقاوم الزمن وتعيش حتى الآن وقد وصل عمرها لـ127 عاما.
لا أعتقد أن جورجى زيدان عندما فكر فى المجلة وأصدرها من مطبعة صغيرة فى الفجالة فى الأول من سبتمبر من عام 1892 كان يتخيل أنها ستتحدى كل العصور وتعيش عمرا مديدا من عمر الزمن، وأنها ستعاصر سنوات النهضة وتشهد سنوات التراجع، وأنها سترى مظاهرات فى الشوارع ضد الاحتلال والظلم وستسمع تلاميذ المدارس يغنون فى الطرقات (دع قناتى فقناتى مغرقة/ دع سمائى فسمائى محرقة/ هذه أرضى أنا/ وأبى ضحى هنا)، وأنها سترى شهداء يمرون كل صباح وتسمع عن خونة باعوا كل شيء من أجل مصالحهم الخاصة.
عاشت مجلة الهلال، أول مجلة ثقافية عربية شهرية، حافلة بقدرة كبيرة على صناعة الوعى الحقيقى القائم على التفكير من خلال أفكار أصيلة وقصائد وروايات "بديعة" ولقاءات وحوارات مفيدة.
كانت "مجلة الهلال" ولا تزال دليلاً عظيماً على ريادة مصر ودورها الثقافى فى العالم العربى، وشاهدة على أن الفكرة الطيبة الصادقة ستجد من يأخذ بيدها ويصل بها إلى هدفها.