- مازال حيًّا ويعيش فى مكان ما
على قناة فضائية يبدو أنها خاصة بحزب البعث العراقى، فوجئت يوم الخميس الماضى بـ«عزت الدورى»، نائب الرئيس العراقى الأسبق، صدام حسين، يلقى بيانًا مطولاً فى ذكرى تأسيس حزب البعث.
كان هذا الظهور تكذيبًا لخبر تم تداوله على نطاق واسع منذ شهور عن مقتله، وبالغت الجهات التى أذاعت هذا الخبر بتصوير الجثة كى تؤكد صحته، بعد أن أذيع مثله فى مرات سابقة ثم يظهر فيما بعد كذبه.
كان «الدورى» يرتدى زيا عسكريا وخلفه حارسان ملثمان يرتديان زيا عسكريا أيضا ويحملان البندقية، ونوهت «الفضائية» إلى لقاءات يعقدها «الدورى» بمناسبة ذكرى تأسيس «البعث»، وجاءت بلقطات مصورة، ونوهت بأنها ستبث هذه اللقاءات فى وقت لاحق، وخلاصة كل ذلك أننا أمام رجل مازال على قيد الحياة، ويمارس الفعل السياسى السرى حركيًّا، والعلنى «فضائيًّا» ولكن بقدر ما، ويحيلنا كل ذلك إلى مسألة مهمة ترددت مع بدء ظهور «داعش» وسيطرته على أجزاء من الأراضى العراقية يسكنها السنة، وأهمها «الموصل»، حيث قيل إن ضباطا وجنودا من الجيش العراقى السابق ينتسبون إلى حزب البعث «المنحل»، الذى يقوده عزت الدورى هم القوة الضاربة لـ«داعش»، واختلفت التقديرات حول عددهم، لكن كان هناك اتفاق حول أن المهارات النوعية لمقاتلى «داعش» يعود الفضل فيها إلى هؤلاء «البعثيين».
جاء الربط بين «بعث العراق» بقيادة الدورى و«داعش» كمسار يختلف جذريا عما كان مع صدام حسين وقت أن كان رئيسًا، ووقت أن كان مقاوما ضد الاحتلال الأمريكى للعراق، حيث قاد المقاومة فى عمليات نوعية مؤثرة حتى تم القبض عليه.
وفى بيانه الأخير المطول، هناك الكثير مما يستحق الانتباه إليه، فعلى صعيد المواقف يتحدث «الدورى» بلغة الإدانة والرفض للتكفيريين والإرهابيين ومنظماتهم الموجودة على أرض العراق، ويحدد «إيران الصفوية» كعدو تاريخى ودائم ليس للعراق وفقط وإنما لكل ما هو عربى، مؤكدا أطماع « إيران» التاريخية فى المنطقة العربية، ودورها الكبير فى إضعافها، مشيرًا إلى ما تقوم به من محاولات للسيطرة على سوريا واليمن ولبنان.
يقدم «الدورى» التحية للمملكة العربية السعودية، بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز، على دورها الرائد فى مقاومة هذا «الخطر الإيرانى»، ويدعو كل العرب إلى الاصطفاف فى هذا الأمر خلف القيادة السعودية، ويشدد فى الهجوم على «الحوثيين» باليمن، معتبرًا إياهم «ذيول إيران»، ويقدم شرحًا تفصيليًّا لما حدث فى مصر ويدعو إلى مساندتها فى وضعها الحالى، ويثمن دور السعودية والإمارات فى موقفهما المساند للشعب المصرى بعد ثورته فى 30 يونيو التى أسقطت حكم الإخوان.
ويفتح النار على النظام العراقى الحالى، مؤكدًا تبعيته لـ«إيران»، ويهاجم الرئيس السورى بشار الأسد بضراوة، حيث يصف نظامه بـ«الاستبدادى» و«الدموى» ويقدم التحية لما سماه بـ«ثورة الشعب السورى»، وهو فى هذا الموقف يواصل تأكيد العداء التاريخى بين «بعث العراق» و«بعث سوريا»، والمعروف أن الرئيس السورى الراحل حافظ الأسد وقف إلى جانب إيران ضد العراق بقيادة صدام، فى الحرب العراقية الإيرانية التى استمرت من 1980 إلى 1988، ويضع «التكفيريين» و«نظام بشار» فى سلة واحدة.
فى ظهور «الدورى» تأكيد بأنه مازال حيًّا، ويعيش فى مكان ما، ويحظى بتأمين عالٍ، ويمارس الفعل السياسى فى قيادة حزب البعث، وتلك هى مواقفه.