فى مركز طما بمحافظة سوهاج وتحديدًا صيف عام 2003 كانت المرة الأولى لى التى أرى فيها وسيلة مواصلات ذات الثلاث عجلات "توك توك"، فرحت بها كثيرًا فقد نقلتنا إلى مكان كان يصعب على سيارات الميكروباص السير فيه، وكنت لم أر بعد هذا "التوك توك" فى شوارع القاهرة ربما لم يكن ظهر بعد أو كان فى بادئ الانتشار المهم أنه لم يتثن لى رؤيته.
فى غضون أشهر قليلة انتشر التوك توك فى شوارع مصر كالنار فى الهشيم وأصبح ملاذا لكل من لم يجد فرصة عمل أو كل شاب فقد عمله، كما وجد فيه أصحاب الحرف والمهن ضالتهم التى ستوفر لهم ما كانوا يتقاضوه من حرفتهم وربما أكثر وبمجهود أقل، ففقدنا الكثير من أمهر الحرفيين وأصحاب المهن مثل "السباكين والحدادين والنقاشين"، الذين تركوا مهنهم واتجهوا لـ"التوك توك".
سعادة غامرة شهدها الشارع المصرى فى بداية ظهور التوك توك، فقد كان وسيلة مواصلات سهلة رخيصة تختصر الوقت وتنقلك إلى أى مكان مهما كانت وعورة الشارع أو حجم اتساعه، ولكن مع مرور الوقت تحول التوك توك من نعمة إلى نقمة ومن وسيلة مواصلات آمنة إلى وسيلة وطريقة لارتكاب جرائم القتل والخطف والسرقة وترويج المخدرات، وبدلًا من أن كان يستخدم فى الانتقال داخل القرى والنجوع والشوارع أصبح يزاحم سيارات النقل الثقيل وسيارات الأجرة على الطرق السريعة فتسبب فى ارتفاع معدلات حوادث الطرق.
سرعان ما تبدلت سعادة الشارع بحزن وسخط ورغبة فى ثورة على التوك توك للتخلص منه فورًا بعد أن بات يهدد الأمن والأمان ويهدد باندثار المهن الحيوية ويشكل خطرًا على حياة الأطفال الذين أصبوا منذ نعومة أظافرهم سائقين فى ظل عدم ترخيص التوك توك، إلى أن جاء قرار الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، بالبدء فى برنامج لاستبدال وإحلال "التوك توك" بسيارات آمنة ومُرخصة مثل "المينى فان" تعمل بالغاز الطبيعى.
قرار رئيس الوزراء الذى أثلج صدور ملايين المصريين ممن سئموا مجرد رؤية التوك توك يسير فى الشوارع، فقد حان الوقت لتنتصر الحكومة على هذا الـ "التوك توك"، وبالفعل بدأت وزارة التنمية المحلية والوزارات المعنية فورًا فى بدء تنفيذ القرار على أرض المحافظات.
برنامج استبدال وإحلال التوك توك بسيارات آمنة يأتى على غرار استبدال سيارات التاكسى القديمة، التى حل محلها التاكسى الأبيض، وهنا أتمنى ألا يتكرر فى تجربة سيارات "الفان" ما فعله أصحاب التاكسى الأبيض حينما بدأت التجربة الجديدة وتحكمهم فى المواطنين واستغلالهم فى بادئ الأمر ، لذلك يجب أن تكون هناك رقابة صارمة مع أول سيارة "فان" أجرة تسير فى الشوارع، ووضع تعريفة وخطوط سيرة محددة.