يبدو الكاتب الروائى سامح الجباس، فى روايته الجديدة "نادى النيل الأسود السرى" الصادرة عن دار نشر بيت الياسمين مشغولًا بالفن وأشياء أخرى، باحثًا عن التاريخ السرى لمصر الجميلة، منطلقًا من سؤال (خفي) ما الذى حدث لمصر؟
بالطبع فإن سامح الجباس يكتب رواية، ولا يعد بحثا تاريخيا، لذا لم يكن أمامه سوى الشخصيات المتعددة تأتى محملة بكل تاريخها ودلالاتها ومعرفيتها أيضا، وذلك من خلال كهف سرى قرب شط النيل كان قديمًا "نادى النيل الأسود السرى" لكنه لم ينته ولا يزال يواصل نشاطه فى هدوء، إنه يبحث عن المختلفين الذين فى داخلهم شيئًا يودون قوله، لذا يجدون أنفسهم فجأة فى مواجهة التاريخ المفعم بالجمال والجلال.
فى كل فصل من الرواية قصة لشخصين، أحدهما من زمننا وأيامنا والآخر من زمن فات، فى الفصل الأول مثلا نجد قصة لرجل يعيش فى المقابر يعانى لكنه يقف الآن أمام قصر تاريخى فى جاردن سيتى يحمل فى يده – حسب عمله – أوراق إنذار لهدم هذا القصر، والرجل يعرف أن الإنذار غير صحيح وأن القصر غير مهدد بشيء ويمكنه أن يعيش ويقاوم لكن الفساد له رأى آخر، هذا الرجل بعد الدوران حول القصر يجد مدخل (نادى النيل الأسود السري) وهناك يعثر على مظروف به قصة (الأمير محمد على الأفخم) ابن الخديو توفيق، وصانع تاريخ مجد المحافل الماسونية فى مصر.
ما أود أن أشير إليه أن الرواية تحمل طريقة مختلفة، قائمة على المعرفة الدقيقة الموثقة بالتواريخ والأرقام والمعلومات وإلقاء الضوء على شخصيات مهمة لكنها مجهولة لمعظمنا، وفى الوقت نفسه وهو ما أود أن أشيد به، أنها حافلة بالفن فالشخصيات سواء المعاصرة أو التاريخية، تتنفس حقًا، تعاني، تحلم، تتمنى، كما أن تفاصيلها الاجتماعية حاضرة بقوة، وفى داخلها تشويق ورغبة فى المتابعة.
يسعى سامح الجباس فى رواياته إلى أن يقول شيئا مختلفا فى شكل مختلف أيضا، إنه يفكر كثيرا فى شكل الرواية وليس فى مضمونها فقط، ومن هنا يعد ما يكتبه مغامرة لكنها جميلة ومفيدة.