كل مؤتمرات الشباب مهمة، وكل مؤتمر أحضره أرى من خلاله نافذة على المستقبل، وأطل على مصر الغد، ولكن المؤتمر الأخير أكثرها أهمية، سواء من حيث توقيته، أو من حيث ما طرح خلاله، ولعلى لا أتجاوز عندما أقول إن جلسة المؤتمر الأخير كانت ساحة نزال حقيقية، وعلى أعلى مستوى، على اعتبار أننا نعيش حروب الجيل الرابع، حيث تهدم الدول وتنهار بالشائعة، ويروج لها من خلال وسائل التواصل الاجتماعى.
وبعد أن أعيت الحيل أعداء مصر فى تركيعها، عبر الحروب التقليدية، أو بسلاح الإرهاب الذى اندحر وتراجع وتقزم فى جيوب سيأتى يوم تطهيرها قريبا بإذن الله، راحوا يشنون الحروب غير التقليدية، مستخدمين "الفضاء السيبرانى"، ليفتوا عزيمتك، ويزرعون فيك روح اليأس وفقدان الأمل، ويبذرون بذور الشك فى كل من كان سببا فى إنقاذ الدولة المصرية من الانهيار، وهو جيشها الوطنى الذى نعتز به وبشرف رجاله، حيث يوجد فى كل بيت مصرى إما ابن وربما أكثر يؤدى شرف الواجب الوطنى، أو ينتمى إلى هذا الكيان ضابطا ومقاتلا فى أحد أسلحته، أو قدم شهيدا، راحوا يستهدفون ميراث الثقة الذى وجد ونما وترعرع بالأقوال والأفعال بين الشعب من جهة وبين قيادته ممثله فى شخص الرئيس السيسى وفى رجال القوات المسلحة الشرفاء، وخلال الأيام العشر الأخيرة كانت ذروة الهجوم على مصر بمحاولة زعزعة الثقة المتجذرة عند المصريين فى رأس الدولة، حيث وجدوا ضالتهم فى استخدام أحدهم الذى فشل أن يكون ممثلا ناجحا، وراح يلصق الأكاذيب والافتراءات بثوب الرئيس النظيف، وفى كبار رجال القوات المسلحة، وأصبح السؤال الذى يسيطر على الشارع المصرى: هل يرد الرئيس على هذه الصغائر؟ أم يتجاهل الرد على هذه الترهات، لأن الرئيس لو تفرغ للرد على مثل هذه الصغائر لن يجد وقتا لإدارة الدولة المصرية؟ وتفرق الرأى ما بين مؤيد للرد المفحم، وآخر من أنصار أن الرئيس أكبر من أن يرد على هذا الممثل الفاشل الذى تحول إلى عروسة "ماريونيت" يتم تحريكها بالعبث بأصابع مشبوهين.
الأجهزة الأمنية والسيادية، على عهدة الرئيس، كانت من أنصار تجاهل الرد على هذا "الصغير "، لأن السيسى " كبيرا " لدولة كبيرة، ولكن الرئيس كان من أنصار أصحاب الرأى الآخر، وأخذ بمبدأ المكاشفة، الرئيس " ليس على رأسه بطحة " كى يترك الناس نهبا للشائعات، أو يترك مساحة يتحرك خلالها المستهدفين للنيل من مصر فى شخصه، آثر ألا يترك أم مصرية صدقته حيرانة، أو يترك شابا تعبث برأسه تهاويم الكذابين، آثر أن يتحدث بنفس روح الصدق والمكاشفة التى اعتادها منه المصريون منذ أن اختاروه، تكلم بلسانك ولسانى، دائما ينتصر فى الرئيس إنسانيته وتواضعه جنبا إلى جنب مع حسمه ولأول مرة أجد فى فم الرئيس مرارة، وعتابا لمن داخله شك، أو راح يستمع، وتطوع بأن يقوم بتشيير الأكاذيب، وهو لا يدرى أنه ربما بحسن نية يشارك فى محاولة النيل من جيش مصر العظيم، عتاب الرئيس امتد للإعلام والإعلاميين الذين وقفوا فى حالة ارتباك، وتردد، وتعثر، لا يعرفون دورهم المهنى الذى يجب أن يقوموا به بكشف الحقائق، ومواجهة حروب التضليل أولا بأول.
الرئيس عاتب على تنامى " لغة جلد الذات بيننا كمصريين"، ورغم هذا وبسعة صدر هو يرى أن كل ذلك لن يختفى إلا بالمزيد من العدالة فى شتى صورها، ساعتها سيتحسن المزاج العام للمصريين ولن يكونوا مهيئين لتقبل الشائعات المضللة، ولن يهدموا معبدهم بأيديهم، فى تصورى أن الرئيس كان من الممكن أن يتنازل فيما يخصه، ولكنه اضطر اضطرارا للرد لأن ما قيل يستهدف الدولة المصرية فى الأساس .