لا أدعى الفهم فى الحدود البحرية، ولا أستطيع المجادلة أو المزايدة والحديث عن أن جزيرتى "تيران وصنافير" مصريتان أو جزء من الأراضى السعودية، فالموضوعية تقتضى أن أترك أنا وغيرى هذا الأمر للمتخصصين وأصحاب الخبرة، لكن ما يهمنى ولن أتنازل عنه هو مساندة قيادة بلدى التى اخترتها بمحض إرادتى وعن يقين بأنها قيادة وطنية ولن تضيع الأمانة التى تحملتها مهما كانت الضغوط وارتفعت الإغراءات وضاقت السبل، قيادة وضعت ثقتى فيها مثل عشرات الملايين غيرى، ونحن نطمع أن تنطلق بنا إلى آفاق أرحب فى التنمية، وتتصدى بكل قوة وشجاعة لما يهدد الأمن القومى المصرى، قيادة اختبرنا وطنيتها فى أحلك الظروف، وجربنا صمودها وجلدها فى أشد المِحن، وفى كل مرة لم تخِب آمالنا ولم تتاجر بنا ولم تزايد علينا ولم ترفع مصلحة فوق مصالح الوطن ولم تقدم عليه شعارا أو انتماءً، فهل يمكن بعد كل هذا أن أتخيل أن تقدم هذه القيادة على قرار تفرط به فى أراضٍ مصرية، هل يمكن أن أصدق أن هذه القيادة يمكن أن تبيع الأرض التى ضحى أكثر من 120 ألف شهيد من أجل حمايتها؟
هل يمكن أن أقبل كل ما يوجه إلى هذه القيادة من اتهامات؟
يمكن أن نختلف مع القيادة التى اخترناها، واختلفنا بالفعل كثيرًا ورفضنا قرارات واعترضنا على أخرى وتحفظنا على توجهات، بل اختلفنا مع طريقة إعلان الحكومة عن تبعية الجزيرتين للمملكة، لكن أن يصل الأمر إلى حد التشكيك فى انتماء الرئيس لهذا الوطن أو حمايته لمصالحه فهذا ما لا أقبله ولا أحتمله .
يمكن أن نرى أن جزيرتى تيران وصنافير مصريتان أبا عن جد، عادى جدا، ويدافع كل من يعتمد هذا التوجه عن رأيه، لكن لا يمكن أن نعتبر أن هذا الرأى هو الحقيقة التى لا يطالها شك، وأن ننكر على من لديهم رأى آخر أن يعبروا عنه وأن يكونوا هم أيضا وطنيون مخلصون، فالوطنية لا يمنحها رواد الفيس بوك ولا يصدق عليها بعض النخبة والمعارضين، الوطنية هى الأصل عند كل مصرى، والرئيس السيسى وطنى لا يحتاج لشهادة ولا ينتظر توقيع أو ختم من أحد، واستغلال بعض المزايدين لاتفاق ترسيم الحدود مع السعودية والحديث عن تبعية الجزيرتين للمملكة كمبرر للانقضاض على الرجل وتقطيع سمعته والطعن فى وطنيته أمر لا يليق، ولغة لا يقبلها أحد، من لديه حجة على مصرية الجزيرتين فليقدمها، ومن يمتلك جهدًا فى سبيل هذا فليبحث ويساند وكلنا سنعاون فى إيجاد ما يثبت أنهما ضمن الأراضى المصرية، ونتمنى أن نجد ما يجعل الجزيرتين ملكا لنا، لكن من يخوضون المعركة ويشاركون فى ضرب السيسى لمجرد الكراهية أو الرغبة فى تشويهه، أو الطمع فى وراثته إن غادر موقعه، فهؤلاء هم من يجب اللوم عليهم، فليس هكذا تدار الدول ولا هكذا تناقش ملفات الأمن القومى، السيسى فى يقينى أول من يحرص على الأرض المصرية، ليس فقط لأنه رئيس وإنما لأنه واحد من أبناء مؤسسة وطنية لم تقدم لمصر إلا شرفاء فدائيون من أجل التراب الذى نمشى عليه.
نختلف معه لكن لا نرميه فى شرفه الوطنى، نعارض التسليم بسعودية الجزيريتن فى هذا التوقيت، لكن لا نهيل التراب على تاريخ الرجل وعشقه للبلد، نطلب الاحتكام لمن يملكون الحقيقة وأهل الخبرة والقدرة أو حتى نطالب باللجوء إلى التحكيم الدولى، فليس عيبا أن نختلف معه وليس مستحيلا حتى أن يخطئ الرئيس، إن أخطأ فلدينا برلمان يصحح، وقضاء يلغى، وشعب يرفض، لكن العيب كل العيب أن نشارك دون وعى فى معركة قذرة يقودها الغرب لمنع الرجل من استكمال مدته وتعجيز البلد عن العودة إلى مكانتها التى تستحقها.
يا مصريون.. هذا رئيسكم الذى لم يفرض عليكم ولكنه جاء باختياركم، هذا من حملتموه المسئولية ومنحتوه التفويض، فلماذا كل هذا الغضب.. لماذا تستيجيبون لحملات التشويه التى تدار حوله وتحاك للتخلص منه.
هذا ابن مصر.. هذا هو الرجل الذى تصدى مع كل رجال القوات المسلحة ليحموا إرادة الشعب.. فهل جاء الوقت الذى يحمى فيه الشعب رئيسه من محاولات الاغتيال السياسى التى يتعرض لها.