قبل أن يبدأ مجلس النواب أعماله تسللت «الحالة اللبنانية» إليه، حيث فجرت المستشارة تهانى الجبالى أثناء المرحلة الثانية من الانتخابات قنبلة لقاءات سامح سيف اليزل وأسامة هيكل فى الكويت، واتهامها لهما بأنهما يخططان لمصالحة مع الإخوان، وتم إبطال مفعول القنبلة، وبعد إعلان النتائج تم إثارة أزمة كبيرة، وضجيج بلا طحين، وصراعات أجهزة، وتنافس أصحاب المصالح، حول ما يسمى «ائتلاف دعم الدولة»، الذى أعلنت قائمة «فى حب مصر» تكوينه برئاسة سامح اللواء سيف اليزل، ولكن بعد اعتراض الكثيرين على هذا المسمى الذى يحمل «إقصاء وتميزا ضد كل من لم ينضم لهذا الائتلاف، على أنهم يدعمون الدولة، ومن ليس معهم لا يدعمها باعتباره مسمى تميزى تم تغيره إلى «ائتلاف دعم مصر».
وقد أثار هذا الائتلاف الجديد جدلًا حول أهدافه الذى سعى لضم أغلبية النواب، وقد خرج هذا الائتلاف كشكل من أشكال التكتل البرلمانى الجديد تحت القبة، ويضم أكثر من 400 نائب من المستقلين ونواب الأحزاب والقائمة، وذلك وفق تصريحات من قياداته، مؤكدين أن هدفه هو الحفاظ على مصالح الشعب والدولة المصرية والسعى نحو النهوض بمصر، وعدم قبولهم بأى تجاوز فى حق الدولة من جانب أى مؤسسة، وأن الفكرة الرئيسية التى يقوم على أساسها التكتل هى الوقوف كحائط صد ضد أى محاولات للتعدى على الدستور لفرض صلاحيات أوسع تضر بالأهداف الرئيسية التى قامت عليها 30 يونيو، وهدم ما خرج الشعب من أجله بعد أن تمرد على الجماعة المحظورة التى تدعم الإرهاب، فضلا عن دعم الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مواجهة الإرهاب الذى يقف عثرة أمام الأمن والاستقرار فى الشارع المصرى.
ولكن من الواضح تناقض الهدف المعلن مع محتوى الوثيقة التى تم إلغاؤها منذ أيام التى كانت تتضمن تعهدا من المنضمين إلى الائتلاف بتجردهم من انتماءاتهم الحزبية والفكرية واتجاهاتهم السياسية، فى سبيل تحقيق أهداف الوثيقة، إعلاءً لمصلحة الوطن، على الرغم من أن كتلا حزبية كاملة مثل الوفد ومستقبل وطن والمؤتمر انضمت إليهم، ولكن منذ إيام تم إلغاء وثيقة تحالف دعم الدولة المصرية وإعادة صياغتها من جديد، بعدما أثارت جدلا واسعا حولها، تلبية لرغبات النواب الذين اعترضوا على مضمونها، وقد وصف مؤخرا المهندس نجيب ساويرس مؤسس حزب المصريين الأحرار «ائتلاف دعم الدولة»، بأنهم يحاولون «صنع خرفان بمرشد»، وعقد المكتب السياسى للمصريين الأحرار اجتماعا لمناقشة هذا التطور، وناقش إعلان إحدى النائبات توقيعها على لائحة التحالف، لذلك قرر المكتب السياسى أولاً: فصل النائبة مى محمود من عضوية المكتب، وإحالتها للجنة الانضباط للتحقيق معها فيما أقدمت عليه، ثانيًا: دعوة السادة النواب الخمسة الذين حضروا اجتماع هذا التحالف دون التوقيع على الوثيقة، لجلسة استيضاح لمواقفهم، وفى خضم ذلك حدثت «مؤشرات» متلاحقة، وهى إعلان محمد بدران رئيس حزب مستقبل وطن خروج الحزب من الائتلاف رغم موافقة 40 نائبا على الائتلاف وبروز ظاهرة الانشقاق على بدران، وفى المقابل يصطدم د.عماد جاد نائب رئيس حزب المصريين الأحرار برئيس الهيئة البرلمانية للحزب النائب علاء عابد، والقائم بأعمال رئيس الحزب د.عصام خليل، ويعلن جاد استقالته؟ ويتقدم النائب مصطفى بكرى بمبادرة للم الشمل.
لا أحد من الأحزاب أو النخب يدرك ما يحدث فى الداخلية وصراعات الجنرالات، ومحاولات الألتراس تعكير صفو البلاد، وإعلان النائب مرتضى منصور انسحاب الزمالك من الدورى، وتحركات الجماعات الإرهابية نحو 25 يناير المقبل؟ ولا يدرك هؤلاء «الصغار» التسخين الذى يقوده الإرهابيون فى بعض قرى المنيا ضد الأقباط؟ ولا يهم أحد من المتصارعين سوى غنائم الاستحقاق الثالث من رئاسة البرلمان أو الوكالة أو رئاسة اللجان، وبعضهم نجح فى شراء نواب ويريد أن يهيمن على رئاسة حزبة بأقل الأصوات، وشاب من تلاميذ أحمد عز يبحث عن دور بأى ثمن، ويصرخ كلاهما متهما الائتلاف بالديكتاتورية!!
بصراحة ولا «سويقة لالة» التى كتب عنها صلاح جاهين فى الليلة الكبيرة، قلة خبرة غير مسبوقة، وعدم نضج سياسى، ونهم من جميع الأطراف يذكرنا بالمثل الشعبى «يا جحا بيت أبوك وقع اجرى خدلك قالب»!!، وإن لم يتدخل ما تبقى من عقلاء أو «الكفلاء»، فسوف يحدث ما لم يحمد عقباه، ويبقى السؤال من وراء كل ذلك التصعيد؟ صراع مصالح ؟ أم تنافس أجهزة؟ أم «طغم مالية» أو تدخلات خارجية؟، أو كل تلك العوامل، لأن هناك من يريد تشويه نضال المصريين للوصول إلى إنجاز الاستحقاقات الثلاثة، تارة بالإرهاب، وأخرى باستغلال أزمة الطائرة الروسية، أو بانتفاضة رجال الأعمال من أجل زميلهم الذى قبض علية، وأخيرا الائتلاف.. «ويا خفى الألطاف نجنا من الائتلاف»!