- حكومة هونج كونج اتخذت إجراءات لتعديل مشروع قانون تسليم المجرمين ولكن تحت دعم وتواطؤ القوى الخارجية تدهور الوضع بشكل كبير
يمكن لأى شخص زار هونج كونج فى السنوات الأخيرة أن يستشعر ملامح تلك المدينة المتنوعة والمختلفة، فهى ليست فقط مدينة لناطحات السحاب، ولكنها أيضا مدينة مليئة بالمناظر الطبيعية والجبال الساحرة، وعلى الرغم من أنها مدينة تمتلئ بأحدث صيحات الموضة، فإنها لم تتخل عن عاداتها التى تعود لقرون طويلة.
من الناحية الاقتصادية، يعد نصيب الفرد من إجمالى الناتج المحلى فى هونج كونج من بين أعلى المعدلات فى العالم، ومن حيث التجارة تم تصنيف هونج كونج كأكبر اقتصاد حر على مستوى العالم لمدة 25 عاما متتالية، أما من الناحية المالية، فتعد هونج كونج واحدة من المراكز المالية الرئيسية الثلاثة فى العالم، وفيما يتعلق بالسياحة، فقد تجاوز عدد زوار هونج كونج فى عام الـ2018، 65 مليون زائر، ويبلغ إجمالى الاستهلاك المتعلق بالسياحة الداخلية على مدى العام حوالى 42 مليار دولار أمريكى.
كل تلك النجاحات حققتها هونج كونج منذ عودتها إلى الصين عام 1997 وتطبيق نظام «دولة واحدة ونظامان» و«أهالى هونج كونج يحكمون هونج كونج» وتحقيق درجة عالية من الحكم الذاتى، كما أنها تحققت بفضل دعم حكومة هونج كونج لسيادة القانون، وامتثال واحترام شعب هونج كونج للقانون. يمكن القول بأن منطقة هونج كونج الإدارية الخاصة التابعة للصين مثل مدينة الإسكندرية فى مصر، كلاهما موانئ لامعة.
ولكن قد أثرت الأحداث الأخيرة من العنف والفوضى التى وقعت فى هونج كونج منذ يونيو الماضى على تلك المدينة الجميلة، ونثرت الغبار على «لؤلؤة الشرق».
وعلى سبيل المثال، فى بداية شهر أغسطس، انخفض عدد زوار هونج كونج إلى 31%، وهبط قطاع المطاعم بأكثر من 20%، ومن 12 إلى 14 أغسطس، تم إلغاء حوالى 1000 رحلة جوية بمطار هونج كونج بسبب تلك الأحداث وما أعقبها من عوائق «بما فى ذلك رحلات لشركة مصر للطيران».
وفى سبتمبر، قررت وكالة فيتش خفض التصنيف الائتمانى لهونج كونج نتيحة للأحداث الأخيرة، حيث تأثرت السياحة وكذلك الوضع المالى لهونج كونج، وهما الركائز الأساسية لجميع الصناعات، بشكل كبير، مما يشكل تهديدا خطيرا وكبيرا على سبل عيش عشرات الآلاف من مواطنى هونج كونج.
اتخذ المعارضون فى هونج كونج «مشروع قانون تسليم المجرمين» حجة لإشعال الاحتجاجات فى هونج كونج، وتعود بداية الأحداث إلى فبراير 2018، حيث قام شاب من هونج كونج يبلغ من العمر 19 عاماً بقتل صديقته من تايوان والتى كانت حاملا فى طفل، ثم فر هاربا إلى هونج كونج متهربا من العقوبات القانونية، وحتى تأخذ العدالة مجراها، بدأت حكومة هونج كونج فى يونيو من هذا العام اتخاذ إجراءات لتعديل مشروع قانون تسليم المجرمين، ولكن تحت دعم وتأثير وتواطؤ القوى الخارجية وأنصار «معارضة الصين ونشر الفوضى فى هونج كونج»، تدهور الوضع بشكل كبير، وتغيرت ملامح الاعتراض على تعديل مشروع القانون واتخذت الاحتجاجات مساراً وشكلاً جديداً على مدى ثلاثة أشهر، حيث بدأت العناصر المتطرفة بمحاصرة المواطنين الأبرياء فى الشوارع، وإشعال النيران، وحرق المرافق العامة والاعتداء على الشرطة، والاستهزاء بالقانون وغيرها من أعمال الشغب، وتجاوزت أفعالهم إطار وشكل التظاهرات والتجمعات السلمية، وتجاوزت الحد الأدنى للتعامل الأخلاقى، واخترقت الحد الأدنى لسيادة القانون، وتحدت الحد الأدنى لمبدأ «دولة واحدة ونظامان».
وبعد أن أعلنت حكومة هونج كونج رسميا سحب التعديلات على المشروع المثير للجدل، لم تتوقف قوات المعارضة والقوى الراديكالية عن الاحتجاج، بل استمرت فى التحفيز وتنفيذ أعمال التخريب والعنف، مما يؤكد أن هدفهم لم يكن له علاقة بالتعديلات على القانون، بل لديهم هدف ومخططات أخرى، وأنهم اتخذوا تعديل القانون حجة لإثارة الفوضى فى هونج كونج، ومحاولة إصابة الحكومة بالشلل، ومن ثم فرض السيطرة على هونج كونج، بحيث يصبح مبدأ «دولة واحدة ونظامان» ما هو إلا اسم فقط!
فى الوقت نفسه، يتجاهل بعض الأشخاص والقوى فى الغرب الأحداث المتصاعدة فى هونج كونج، وكذلك أعمال العنف التى تقوم بها القوات المتطرفة، وكذلك يتجاهلون مطالب الرأى العام لمختلف القطاعات فى هونج كونج، ويتجاهلون القواعد الأساسية للعلاقات الدولية، ويدعمون بشكل صريح القوات والعناصر المتطرفة فى هونج كونج! هدفهم هو إثارة الفوضى فى هونج كونج، وجعل الصين تنخرط فى مواجهة تلك المشكلات، ومن ثم التأثير على تطور وتقدم الصين، وإثارة نسخة هونج كونج من «الثورة الملونة»، ولكن تحقيق هذا المخطط هو ضرب من الخيال! فالصين صاحبة الـ5000 سنة من الحضارة، وعدد سكانها الشجعان الدؤوبين البالغ 1.4 مليار نسمة، ومساحتها الشاسعة التى تبلغ 9.6 مليون كيلومتر مربع، لا تخشى التهديدات ولا تقع تحت أى ضغط.
فى الوقت الحالى، أصبح إيقاف عاصفة الفوضى والاضطرابات واستعادة النظام هو أكثر ما تنادى به جميع قطاعات المجتمع فى هونج كونج.. هونج كونج هى هونج كونج الصينية، ولن تسمح الحكومة الصينية أبداً لأى قوى خارجية بالتدخل فى الشؤون الداخلية لهونج كونج، ولن تسمح لأى قوات أجنبية بمحاولة إثارة الفوضى فى هونج كونج، فإن شؤون هونج كونج هى شؤون صينية داخلية بحتة، فالشعب الصينى بمن فى ذلك مواطنو هونج كونج لديهم ما يكفى من الحكمة والقدرة للحفاظ على ازدهار واستقرار هونج كونج.
«الاستقرار والازدهار هما أكبر نفع للبلاد، واضطراب المجتمع هو أخطر ما يمكن أن تتعرض له دولة»، الحفاظ على نظام دولى قائم على أساس مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ونظام دولى قائم على أساس القانون الدولى هو حماية لمصالح جميع البلاد.
لذلك، فإننا نأمل أن يرى المجتمع الدولى الوجه الحقيقى لتلك العناصر المتطرفة، وأن يرى بوضوح أيضا الأيادى السوداء التى تقف وراءها تساندها، وأن يعلو صوت المجتمع الدولى ويعبر عن رأيه بإيجابية، كما نأمل أن يدعم المجتمع الدولى جهود الحكومة الصينية للحفاظ على استقرار وازدهار هونج كونج، وأن يعارض استخدام هونج كونج كذريعة للتدخل فى الشأن الصينى الداخلى، وهذا هو المعنى الصحيح لدفاع الدول عن العدالة، والتمسك بميثاق الأمم المتحدة وحماية القانون الدولى.
فى الـ26 من سبتمبر، قال مستشار الدولة ووزير الخارجية وانغ يى فى مقر الأمم المتحدة بنيويورك فى اجتماع وزراء خارجية الصين والدول الأفريقية الأعضاء فى مجلس الأمن، إن الصين وأفريقيا أشقاء وشركاء، وسواء كان فى الماضى أو الحاضر أو حتى فى المستقبل، فالصين دائما تقف مع الأشقاء الأفارقة، وأفريقيا هى أهم وأكثر شريك تثق فيه الصين.
إن العلاقة بين الصين ومصر تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ، ولا يمكن أن تنكسر أبدا، وإن التعاون بين الصين ومصرهو نموذج للتعاون بين الصين وأفريقيا وبين الصين والدول العربية.
ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر منذ 63 عاما، ظل البلدان يدعمان بعضهما البعض بشكل كامل فى حماية الاستقلال الوطنى، والسيادة الإقليمية، ومعارضة التدخل الأجنبى فى الشؤون الداخلية لبعضهما البعض، ودعم محاربة العنف، والدفاع عن نظم القانون وحماية النظام المجتمعى، بالإضافة إلى السير جنباً إلى جنب على طريق التنمية.
إننا على ثقة بأن الأشقاء المصريين حكومة وشعبا سيكونان قادرين على رؤية الحقيقة، وفهم ودعم موقف الصين من قضية هونج كونج.
لياو ليتشانج.. السفير الصينى لدى مصر