كلمة عامة بما يكفى، لمدلول غير مرئى أو محسوس، البعض يرى موقعه فى القلب، والبعض الآخر يراه فى العقل، ويصفه بـ"الوعى"، وجزء ثالث يراه حاسة خلقية، تميز الخير والشر بتلقائية تامة، وتولد بالفطرة مع كل إنسان، ودون الإغراق فى المفاهيم الفلسفية، والعبارات الإنشائية، فإن غياب الضمير سببا فى أغلب المشكلات التى نراها ونعاصرها.
وحتى نفهم ما أقصد، دعونا نطرح مجموعة من الأسئلة ونفكر فى طريقة الإجابة عليها، لأجل أن نستخلص منها ما وصلنا إليه، وكيف غاب الضمير بفعل فاعل عن المجتمع وصرنا فقط نفكر فى أنفسنا ولأنفسنا، دون النظر إلى واقعنا ومن هم حولنا، ولعل أول هذه الأسئلة يجب أن يكون كيف ترى العمل؟! هل تقدمه على الصورة الصحيحة؟! هل تلتزم بما تعاقدت عليه مع شركتك أو مصنعك أو وظيفتك أيا كانت كبيرة أو صغيرة؟! هل فكرت يوما ماذا قدمت للمكان الذى تعمل فيه دون أن تنظر إلى ما تتقاضاه من راتب فى نهاية الشهر؟! كم مرة راودتك فكرة "أعمل معهم على أد فلوسهم"؟! وكم مرة كان بإمكانك تقديم شىء جيد وتكاسلت عنه دون أن تشعر بالتقصير؟! كيف ترى زميل العمل؟! هل تتعامل معه بمنطق الأخوة والزمالة أم ترى أنه مجرد شخص يجلس بجوارك قد يتغير فى أى لحظة أو يأخذ موقعك إذا سنحت له الفرصة؟! هل تخطط لنفسك كيف تنجح؟! هل قمت بنفس الفعل لمجتمعك أو لعملك أو لمن هم حولك؟! كيف ترى رئيسك فى العمل؟! هل تقدره وتتعلم منه، أم ترى دائما انك أفضل منه ولا يستحق ما وصل إليه؟! من يدعمك لتنجح ومن تدعم لينجح؟!
كل هذه أسئلة بعضها قد نجد له إجابات معلنة، والبعض الآخر لن نجد، ولكن الأهم من ذلك كله أننا نعيش أزمة معطياتها فى غياب الضمير كما ذكرت، وتغليب المصلحة الشخصية والنظرة الضيقة، وطبق ما أكتبه على أى مثال تريده.. فى المنزل أو الشارع أو المدرسة والجامعة أو العمل.. أنت تلقى بالقمامة من يدك إلى الشارع ولا تشعر بأى تأنيب ضمير، فلا تراعى من ينظف خلفك أو تشعر بمعاناته، وكذلك لا تساعده أو تقدم له العون.. أنت لا تشرح الدروس لتلاميذك وطلابك من أجل أن يتجه بعضهم إلى الدرس الخصوصى.. أنت لا تراع معايير السلامة أو النظافة أثناء عملك فى خط إنتاج للمواد الغذائية، ولا تهتم لمن يمرض أو يصاب بالتسمم أو يشعر بالتعب.. أنت تنام فى وردية العمل الليلية تحت دعوى "مافيش حاجة أعملها".. أنت تعمل 3 ساعات فقط يوميا من إجمالى 8 ساعات دون أن تشعر بالذنب أو الشبهة فى راتبك الشهرى.. أنت أحيانا تكذب لتحصل على تزويغة من العمل، أو تدعى المرض حتى تحصل على إجازة.
كل هذه الإجابات نعرفها جميعا ونمارسها بصورة أو بأخرى، لكننا نخجل أن نصارح بها أنفسنا، وهذا فى وجهة نظرى السبب الحقيقى لكل ما نحن فيه، من تراجع للإنتاج، من غياب للكفاءات ونقص الخبرات، إلا ما رحم ربى، لأننا نفكر فى السهل فقط ولا ننظر أو نخطط أو نبحث عن حلول للصعب. نحن نحتاج كل شىء جاهز دون عناء، ونربى أولادنا وبناتنا على الإنفاق أولا، قبل أن نعلمهم كيف يكسبون المال أو يتعلمون ما يوفر لهم هذا المال.
نحن فى أشد الاحتياج إلى المصارحة مع النفس والآخر، حتى يمكننا أن ننهض ونقدم شيئا حقيقيا لهذ البلد، وبداية الطريق من الاعتراف بالخطأ.. صحيح هذا الأمر سيأخذ وقتا وجهدا ومقاومة من البعض، إلا أنه السبيل الوحيد لنسير إلى الأمام، وعلينا أن نحاول.