"تناشد النيابة العامة كل ولى أمر مراقبةَ أطفاله وشبابه فى مراحل عمرية حرجة، تتشكل فيها شخصياتهم، وتستهدف خلالها أخلاقهم بدخائل على المجتمع، انتبهوا إلى من ترعْون من شباب المستقبل؛ فأولئك هم عماد المجتمعات، بحسن تأهيلهم؛ تنهض الأمم وتزدهر، وبضياعهم تخسر الأمم وتنحدر".
كلمات قوية وصادقة اختتمت بها النيابة بيانها بشأن واقعة مقتل طالب على يد آخرين في محافظة المنوفية، تأكيداً على أن دور النيابة لا ينحصر على التحقيق في القضايا وكشف أسبابها وتقديم الأدلة الدامغة على وقوعها، وإنما تقدم دروساً عملية في تربية النشء، وتقويم المجتمع، وتعديل السلوكيات، وتساهم بشكل كبير في تحضر المجتمع.
هذه الكلمات القوية من النيابة العامة بإشراف المستشار الجليل حمادة الصاوي، لامست شغاف القلوب، ولقيت استحسانا كبيرا من قبل المواطنين، وأعادت التنبيه على أولياء الأمور بأخذ الحيطة والحذر في تربية أبنائهم، فكلهم راع ومسئول عن رعيته.
نعم، لقد عانى مجتمعنا الهادئة المسالم مؤخراً من وجود دخائل عديدة في حياتنا، لا سيما مع ثورة التكنولوجيا، وما صاحبها من انتشار واسع للسوشيال ميديا، ودخول الأطفال والصغار هذا العالم دون استئذان وخبرات، فغرقوا في مشاكله، وقادهم الشيطان لجرائم اقترفوها في سن الصغر منذ نعومة أظافرهم، في غفلة تامة من بعض أولياء الأمور، وانعدام الدور الرقابي على الأبناء، والانشغال بالمشاكل اليومية والحياتية، وترك الأبناء فريسة للسوشيال ميديا، فكانت النتيجة الحتمية تصدير متهمين "أطفال وشباب" للمجتمع.
هذه الجريمة البشعة وغيرها من الجرائم، تدق ناقوس الخطر، وتضرب جرس الإنذار، لعودة أولياء الأمور لمسئوليتهم الحقيقية في تربية الأبناء والشباب، خاصة ما دون العشرين عاماً، وعدم تركهم فريسة للسوشيال ميديا وأصدقاء السوء، وإعادة مفاهيم القيم القديمة، وإحياء ثقافة تحذير الأبناء من الـ"العيب".
الفرصة ما زالت قائمة، لمراجعة الأنفس، واستعادة الأسرة الحقيقية لا "الافتراضية" لدورها الحقيقي في تربية الأبناء وتشكيل سلوكهم، حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث، فنرى أبنائنا إما متهمين أو قتلى، أفيقوا يرحمكم الله.