الحاجة إلى أطباء الأسنان زادت بصورة ملحوظة خلال السنوات الماضية، وهذا مؤشر صحى ودليل وعى لدى المصريين، فلو رجعنا إلى الوراء 35 أو 40 عاما لن تجد أبدا هذا الكم من عمليات الحشو والتركيب وعلاج الجذور والزرع، فقد كان مواطنو الصعيد تحديدا يخلعون أسنانهم بمجرد الشعور بالألم، وأحيانا يقومون بهذا الدور بأنفسهم، أو يتركونه لحلاق القرية، الذى كانت لديه "عدة " لخلع الأسنان، وقد كانت سببا رئيسيا فى انتشار العدوى بفيروس سى.
مع كل هذا التطور فى علاج الأسنان، الذى زاد مع وعى المواطنين، وحرصهم على معالجتها بصورة علمية دقيقة، ظهرت الحاجة واضحة إلى أطباء الأسنان، وقد زاد عليهم الطلب بصورة غير مسبوقة، فلن تجد عيادة أسنان صغيرة أو كبيرة إلا وكانت مزدحمة على آخرها، الأغرب من ذلك كله أنك إذا تعاملت مع طبيب أسنان، ثم تركته وتوجهت لآخر، فأول ما سيخبرك به : "الدكتور اللى فات عمل مشكلة كبيرة، أغلق على التسوس وده ساهم فى تآكل العصب، وعشان كدا هنبدأ من أول وجديد ونشيل كل اللى عمله".. أو إنك تكون بتشتكى من ألم فى ضرس أو أحد الأسنان، حتى تصل إلى غرفة الطبيب ليخبرك : "أنت عندك مشكلة فى 5 ضروس و3 أسنان ومحتاج 2 طربوش، عشان الضرس بعد حشو العصب لو ما ركبش ليه طربوش هيسقط لوحده، بالإضافة إلى أن فيه كميات جير كتيرة جدا على أسنانك محتاجه جلستين على الأقل عشان نقدر نشيله ".
بعد كل هذه الدوامة والمعاناة ستجد نفسك مربوط مع طبيب الأسنان لمدة لا تقل عن ستة أشهر، وفرصة تكون لحقت تدخل جمعية أو تأخذ قرض، حتى تتمكن من دفع الديون والأقساط التى تراكمت عليك، خاصة فى ظل الفروق الرهيبة فى الأسعار بين طبيب وآخر، ومنطقة وأخرى، فمثلا قد تكون تكلفة الحشو عند طبيب 500 جنيه، ثم تجدها عند آخر 2000 جنيه، دون أن تعرف الفارق، والمفاجأة أن معظم شركات التأمين الطبى لن تقدم لك أكثر من ألف جنيه تكلفة علاج للأسنان سنويا، ولن تشمل التركيبات وعلاج الجذور وبعض الحالات الضرورية، تحت مسمى أن ما تقوم به يدخل فى دائرة عمليات التجميل !!
تجربتى مع أطباء الأسنان سيئة جدا، آخرها كان فى عام 2015 عند خلع ضرس "العقل" فى عيادات أحد الأطباء بالدقى، فقد كان الضرس مدفون فى الفك، وأجرى الطبيب جراحة استمرت ساعة، وأصر على عدم خياطة الجرح بدعوى أنها طريقة حديثة للعلاج، وكانت النتيجة أنى ظللت أشعر بالألم لمدة أربعين يوما متواصلة، واكتشفت بعد 6 أشهر أن الطبيب ترك جزءا من الضرس ولم يستخرجه، وبعد محاولات كبيرة نجحنا أخيرا فى استخراجه.
حتى لا يفهم أحد كلامى بصورة خاطئة، فأنا لا أهاجم هذا القطاع الهام والحيوى، الذى يقدم خدمات هامة وضرورية للمجتمع، لكنى أدعوهم إلى ضبط الأداء والتصالح مع المريض بصورة تحقق الجودة فى تعريفها البسيط " ارضاء للمنتفع بالخدمة".