بمناسبة أن اليوم ذكرى إعدام مارى انطوانيت، زوجة الملك لويس السادس عشر، بعد أربع سنوات من اندلاع الثورة الفرنسية، حيث أعدمت فى يوم السادس عشر من عام 1793 أجدنى أفكر فى التاريخ وكتابته ورغبته العارمة فى التسطيح.
أهل التخصص يعرفون أن الثورة الفرنسية رغم تحقيق بعض أهدافها لكن تأثيراتها الجانبية كانت خطيرة أيضا، راح الآلاف ضحايا لها، واقتتل الحلفاء، وربما من يقرأ مسرحية "البؤساء" لفكتور هوجو، أو يشاهدها عملا دراميا، سيدرك جزءا مما حدث فى ذلك الوقت.
ومع هذه الأحداث الكبرى، نجد أننا كلما ذكرت الثورة تحدثا عن مارى أنطوانيت وكلمتها الشهيرة عن "إذا لم يكن هناك خبز للفقراء.. دعهم يأكلون كعكا"، رغم أن هذه القصة حسبما وردت فى كتاب "الاعترافات" للمفكر الكبير جان جاك روسو منسوبة إلى إحدى النبيلات، لكن الشعب ومن بعده الثقافة الشعبية أراد ربطها بمارى أنطوانيت نفسها، كأنها دليل الإدانة الوحيد.
أنا لا أشكك فى الجملة، ولا أنكر أنها تدل على طريقة معينة فى التفكير لدى السلطة فى ذلك الوقت، ولدى الطبقة العليا، وتدل على غياب وعى هذه الفئة، لكن أعتقد أن التاريخ منح هذه الجملة أكثر مما تستحق، لقد منحها حسا "كوميديا" رغم مرارتها.
نعم، التاريخ الشعبى لم يتوقف أمام الآلاف الذين انتهت حياتهم تحت المقصلة، كان سباقا محموما فى القضاء على الآخر، واكتفى بأن يشير إلى سطحية مارى انطوانيت وكأنها فاجأته بقولها، أو كأنها تستحق الموت فقط لأنه قالت هذه الجملة "الدالة".