لا يختلف أحد على أن الدروس الخصوصية، أخرجت أجيالا غير قادرة على فهم الفلسفة من التعلم، وحولت منطق الدراسة والتعليم، إلى "لعبة".. احفظ هذه الورقة ستجدها فى الامتحان، ركز مع تلك المسألة فإنها بـ 10 درجات، لا تهتم بمقرر الأدب والبلاغة فلن تحصل منه سوى على درجتين أو ثلاثة.. وهكذا فحولت التعليم من متعة إلى سلعة، وقتلت بوادر الإبداع لدى طلابنا لاعتمادها بصورة أساسية على الحفظ والتلقين والمناهج الروتينية والدروس المكررة.
ظاهرة الدروس الخصوصية موجودة منذ سنوات طويلة، والكل يعرفها ويتعامل معها، إلا أنه فى الفترة الأخيرة ظهر نوع جديد من مراكز الدروس الخصوصية، لا يعتمد فقط على فكرة الحفظ والتلقين، بل بات مفرخة للفكر المتطرف للأطفال والنشء الصغير، وهذا ما حدث تماما فى مركز دارالفتح السورى فرع 6 أكتوبر، الذى يغرس فى التلاميذ مبادئ التطرف والفكر الجهادى، فى غياب أجهزة أحياء محافظة الجيزة، ومديرية التعليم عن المتابعة والتفتيش، وبعد كشف الأمر من خلال السوشيال ميديا تم تنظيم حملة موسعة من محافظة الجيزة لمداهمة عدد من مراكز الدروس الخصوصية وتشميعها.
البعض يتحدث أن هذه المراكز غير معلومة لدى الأحياء ولا يعرف أحد عنها شىء، وتعمل بدون ترخيص، إلا أن الإجابة الصادمة حضرتنى من واقع بيان لمديرية تعليم الجيزة بالأمس، حيث ذكرت أنه تم غلق وتشميع سنتر يضع اسم "مدرسة الأوائل" مكون من دور أرضى وأربع طوابق يحتوى على 34 فصلا و447 طالبا.. نعم هذه أرقام حقيقية 34 فصل ومبنى أربعة أدوار أى مدرسة كاملة العدد يدخل ويخرج منها مئات الطلاب يوميا، ولا تعرف عنها محافظة الجيزة ومديرية التعليم والأحياء شئ فكيف يعقل هذا ؟!
كيف يعقل أن سنتر للدروس الخصوصية يحمل اسم " سمارت " فى الحى السابع بمدينة 6 أكتوبر يشمل 10 قاعات كل واحدة تتسع لـ500 طالب، ويكون هذا دون علم الأحياء ومديرية التعليم ؟!
القضية خطيرة وتحتاج لمساءلة عاجلة من مجلس النواب لمحافظ الجيزة، حول كيفية وجود كل هذا العدد من مراكز الدروس الخصوصية ويمارس نشاطه بصورة يومية دون علم أجهزة المحافظة والأحياء ومديرية التعليم ؟! وكيف نسمح بكل هذه التجمعات الطلابية، وخطورة ذلك على نشر الأفكار المتطرفة وصناعة العنف، وغرس الفكر الجهادى فى عقول الشباب، فالأمر ليس مجرد مخالفة إدارية تم على أثرها إغلاق تلك المراكز، بل قضية أمن قومى تستوجب المساءلة والعقاب لكل من سمح لهذه المراكز أن تمارس نشاطها التخريبى، وكيف يمكن أن تكون هذه المراكز أداة جديدة فى أيدى الجماعات الإرهابية حال تعبئة هؤلاء الطلاب أو توجيههم بصورة أو بأخرى ضد الدولة أو المجتمع، كما رأينا خلال الأسابيع الماضية.
لا تتعاملوا مع الأمر بأنه تمت السيطرة وإغلاق المراكز ومعالجة الأمر، فالمؤكد أن هناك عشرات المراكز فى القاهرة الكبرى لا تزال خارج السيطرة، ولا نعرف ماذا تقدم لشبابنا وماذا تضع فى رؤوسهم ؟! فعلينا أن نتنبه لهذا الخطر المحدق، ولا نضع مثل هذه الأمور تحت سيطرة موظف أو مسئول فى حى أو رئيس مدينة، فالأمر أكبر من ذلك بكثير ويحتاج لقرار واضح بغلق مراكز الدروس الخصوصية وفرض عقوبات رادعة على أصحابها.