لم تتوقف جروبات الواتس آب، والفيس بوك، بالأمس عن شائعات انتشار فيروس الالتهاب السحائى، لدرجة أن بعض الآباء والأمهات منعوا أبناءهم من الذهاب إلى المدارس، وبدأوا فى تتبع تلك الجروبات، ولجأ أغلبهم إلى العطارين والوصفات البلدية، والعلاج بعسل النحل والقرفة، والأعشاب وكل ما نسمع عنه من وسائل النصب التى يروج لها "تجار الصحة"، خاصة أن البيئة مؤهلة تماما لتقبل الشائعات، والمواطن المصرى يسلم أذنه بسهولة شديدة للسوشيال ميديا، ويتعامل مع ما تنشره باعتباره حقائق مؤكدة.
مصر بلد كبيرة تضم أكثر من 100 مليون مواطن، ومن بين كل هذه الأعداد إذا أصيب شخص أو مائة أو ألف أو حتى 10 آلاف بمرض ما، لا يمكن أن نعتبر ذلك وباء، ونضع تدابير صارمة ونغلق المدارس ومحطات المترو والقطارات والمواصلات العامة، فهذا أمر طبيعى، خاصة أن هناك عشرات الآلاف يصابون بنزلات البرد يوميا، دون أن يحدث شىء، بعضهم يذهب للطبيب والآخر يعالج نفسه فى المنزل، ومنهم من لا يخضع للعلاج من الأساس، ويعتمد على مناعته الذاتية فى مقاومة المرض.
وحتى نعرف ما هو الالتهاب السحائى لابد أن نبحث ونعرف، وقد أشارت أهم المعلومات على شبكة الإنترنت حول المرض، إلى أنه عبارة عن التهاب الأغشية المحيطة بالدماغ والحبل الشوكي، وعادة ما يؤدي إلى بعض الأعراض كالصداع، والحمى، وتصلب الرقبة، وتحدث معظم حالاته بسبب عدوى فيروسية، إلا أن الالتهابات البكتيرية والفطرية هي من الأسباب الأخرى لحدوث هذا المرض، مع العلم أن بعض حالات التهاب السحايا تتحسن دون علاج في غضون بضعة أسابيع، ولكن البعض الآخر يحتاج إلى علاج، وكلما كان العلاج مبكرا، كلما كانت السيطرة على المضاعفات أسهل وأقل.
أعراض الالتهاب السحائى تتشابه مع العديد من الأمراض المتعلقة بالبرد والأنفلونزا، فلا داع لأن يفزع الآباء والأمهات منها، ويجب أن يتعاملوا معها فقط من خلال استشارة الطبيب، خاصة أن جماعة الإخوان الإرهابية قد استغلت حالة الفزع التى خلقتها السوشيال ميديا لدى الناس لتبث سمومها وتطلق الأكاذيب وتدعو المواطنين إلى منع أبنائهم من الذهاب للمدارس، والالتزام بالمنزل، من أجل هدف واحد نعرفه جميعا وهو نشر الخوف والبلبلة وإثارة الفزع وتعطيل عجلة الإنتاج وتعويق مسيرة التنمية وإثارة السخط والغضب ضد الدولة ومؤسساتها.
قطاع الطب الوقائى فى وزارة الصحة، أكد أنه لم يتم رصد أى حالات مصابة بالالتهاب السحائي فى جميع محافظات الجمهورية، والأمر كله ارتبط باشتباه فى إصابة تلميذتين بإحدى مدارس محافظة الإسكندرية، وبعد التحليل والفحص، تبين أنها مجرد نزلة معوية وتم علاج الحالتين، فهل يمكن أن نعلق مصالح دولة بها 100 مليون مواطن بسبب اشتباه فى حالتين بمرض الالتهاب السحائى أو أى مرض آخر.
إن ما يحدث من نشر للشائعات وبث الزعر والقلق فى نفوس المواطنين بمصر لا يمكن أن يحدث فى أى بلد فى العالم وعلينا أن ننتبه جيدا لحجم الشائعات والأكاذيب التى يتم ترويجها على السوشيال ميديا، خاصة أننا نعرف جميعا من خلفها وكيف يتم استغلالها.
الاحتياط والنظافة الشخصية والتعليمات الوقائية فى المدارس والمستشفيات والأماكن العامة أمر هام وضرورى لمواجهة أى عدوى، ويجب أن نهتم به، لكن يجب أيضا ألا نسلم عقولنا لكل من يحاول نشر الشائعات أو إثارة البلبلة فى المجتمع، خاصة أن مصر ليست مصنفة ضمن دول الحزام الإفريقي لمرض الالتهاب السحائي الوبائي حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية ، ويتم تطعيم تلاميذ المدارس في السنوات الدراسية ( أولى حضانة – أولى ابتدائي – أولى إعدادي – أولى ثانوي)، بالإضافة إلى تطعيم المسافرين إلى الدول المتوطن بها المرض والمسافرين للحج والعمرة والفئات المستهدفة ، بما يؤكد أنه لا حاجة للقلق.