بعد مقتل أبو بكر البغدادى يطرح جملة من التساؤلات عن مستقبل التنظيم، وخاصة أنه سيطر على أكثر من 60 ألف ميل مربع فى المنطقة، وتغنوا قادته وأعضاؤه وقتها بأن مساحة "دولة الخلافة" تفوق مساحة بريطانيا وبأنها أكبر من بلجيكا بثمانية أضعاف ومن قطر بثلاثين ضعفا، ناهيك عن أن داعش يعد أغنى تنظيم فى التاريخ، فلك أن تتخيل، أنه جمع عام 2014 حوالى 6 مليارات دولار عن طريق بيع النفط والغاز، إضافة إلى الضرائب والابتزاز وعمليات النهب إذ سُرق بإحدى عملياته 500 مليون دولار من أحد المصارف بالموصل.
والسؤال الأهم الآن، هل انتهى هذا التنظيم بعد أن توارى زعيمه تحت التراب؟، أم أن حلم الخلافة ما زال موجودا والعمل على إعادة مملكته من جديد فى المرحلة المقبلة، من خلال إعادة ترتيب صفوفه، والبحث عن بيئات ومسارح عمل جديدة يعوّض من خلالها خسائره فى كل من سوريا والعراق؟.
ويقودنا سيناريو البقاء إلى سؤال أخر- لا يقل أهمية- من سيحمل رايته بعد تصفية أبو بكر البغداى، وعند سماع هذا السؤال تلتفت الأنظار على الفور إلى مساعده أمير محمد سعيد عبدالرحمن الملقب بـ"عبد الله قرداش" الذى رشحه البغدادى أثناء مرضه لزعامة التنظيم فى العراق وإدارة أحوال وشؤون التنظيم، فهل هو "خليفة المستقبل"؟، وخاصة أن قرداش يوصف بلقب "الأستاذ"، وكان يعمل ضابط استخبارات سابق فى جيش صدام حسين، وبزغ نجمه فى عمليات كثيرة منذ 2013، ويلق بوزير "التفخيخ والانتحاريين" داخل داعش، وأحد المقربين من أبوالعلاء العفرى النائب السابق للبغدادي.
وبعد هذه التساؤلات، فالمؤكد أن التنظيم الذى تزَعم كافة التنظيمات الإرهابية حول العالم، وتجاوزت تهديداته مساحة الشرق الأوسط كله يقف أمام مفترق طرق جديد، إما مواصلة رحلة التلاشى، بعد أن تقلصت سيطرته من حكم 60 ألف ميل إلى السيطرة فقط على قريتين، أو محاولة الصمود من خلال القيام بعمليات انتقامية أوسع خلال المرحلة المقبلة، وهذا بالطبع متوقف على سمات الشخصية التى تخلف البغدادى، ومدى قبولها من التنظيمات الإرهابية الأخرى التى أعلنت البيعة للبغدادى فى وقت سابق، وخاصة أن تلك التنظيمات عادة لا تبنى على شخص واحد، وأن المعركة مع الإرهاب ستبقى مستمرة وسيتم فيها التركيز على تنفيذ عمليات ارهابية نوعية لمحاولة جلب الانتباه الإعلامى لكى يثبت التنظيم أنه لم ينته بمقتل البغدادى، وكل هذا متوقف على قوة "قرداش" الخليفة المزعوم.