ينشطون مع كل أزمة، يتغذون على أى شائعة، يحصدون مكاسب هائلة من جيوب الفقراء، لا يعرفون سوى مصالحهم ومكاسبهم الشخصية، لا يعلمون شيئا عن الوطن والوطنية، يستخدمون بعض الحمقى والبلهاء ليلعبوا على ضعف الوعى والإدراك، لا يقلون خطورة عن أنصار التطرف وجماعات الإرهاب، هم فى كل مكان وزمان، يتخفون خلف العبارات الرنانة، والمظاهر البراقة، والأبواق الإعلامية المضللة، إنهم "تجار الأزمات".
نعم تجار الأزمات، يخلقون الأزمة ثم يستغلونها بكل قوة، لتحقيق المكاسب وفقط، فكم حصدوا من أموال نتيجة نشر شائعة تفشى الالتهاب السحائي، الذى لم تثبت التقارير الرسمية إصابة حالة واحدة به حتى الآن، حيث لم يخرج الأمر عن كونه اشتباهات وأمراضا موسمية نعرفها جميعا، فقد تخفى هؤلاء خلف كل الأقنعة، ليظهروا فى صورة من يبيع التطعيمات بأسعار مضاعفة للالتهاب السحائى، ومن يبيع المنظفات وأدوات العناية الشخصية لمواجهة الالتهاب السحائى، أو حتى من يبيعون العسل والقرفة والوصفات المنزلية المقاومة للالتهاب السحائي، فكلهم على خط واحد يتاجرون بأزمة لم تحدث ويقدمون علاجا لغير معتل.
هم الآن يستعدون لبيزنيس الكمامات والأنفلونزا الموسمية، التى قامت عليها الدنيا ولم تقعد لسنوات، وتم إنفاق المليارات تحت فكرة وباء أنفلونزا الطيور والخنازير، مع العلم بأن حالات الإصابة على مدار السنوات العشر الماضية لم يسجل واحد على مئة ألف من السكان، فجأة نجد من يرفع الاحتياطات ودرجات الاستعداد، بمنطق حسن النية فى أغلب الأحوال، إلا أن الأمر يتحول فى النهاية إلى تجارة رائجة يستغلها مصامو الدماء ليقتطعوا من أقوات المصريين.
ورغم انتهاء أزمات الأنفلونزا، إلا أن تجار الأزمة يستغلونها كل شتاء ويستغلون ضعف الوعى، والتحركات العشوائية من البعض، بالإضافة إلى من يعاونون فى الخفاء ويصدرون الأزمة للجمهور، وهؤلاء غالبا ما يكون موقعهم فى الكواليس، يقبضون الثمن فى غيبة من الضمير وخلل فى تركيبتهم الإنسانية.
تجار الأزمة لن يتوقفوا حتى يتكون لدينا الوعى اللازم لنواجههم، حتى نعى جيدا ما يروجون له ونرد عليهم، حتى نقف فى وجوههم ونفسد تجارتهم الزائفة، حتى نقوم بدورنا فى الإعلام بأن نفند ونحلل دون التوقف عند سرد الأخبار وتلقى البيانات، حتى نتحلى بالشجاعة والمصارحة ونخبر المجتمع بكل التفاصيل ولا نترك القرارات منفردة لبعض الموظفين الذين لا يجيدون سوى كتابة التقارير التي لا تقدم شيئا سوى خدمة تجار الأزمات.