هذا العنوان مقصود، نعم نصبوا لنا الفخاخ ووقعنا فيها بل وتغيرنا لنتواكب مع الخطة الموضوعه لنا كما رسمها الأعداء، وكأننا نسير علي قضبان سكك حديدية لا نحيد عنها.
تعالوا لنتعرف كيف ساعدناهم وسرنا خلفهم فى عادات تم تصديرها إلينا وتغيرنا لأجلها.
بدأت الحكاية عندما عانت انجلترا من ظاهرة جديدة أطلق عليها الداء الإنجليزى، إذ كانت المملكة المتحدة تتصدر دائمًا قوائم الدوريات التى يسقط خلالها ضحايا، واشتهر "الهوليجانز" الإنجليزي بعدائهم ودمويتهم، لدرجة أن 100 شخص لقوا حتفهم فى مباراة بين توتنهام وليفربول عام 1989، بالإضافة إلى حادثة استاد هيسل الشهيرة بين يوفنتوس وليفربول فى بلجيكا والتى قتل خلالها 80 شخصًا عام 1985، ما استدعى تدخل "المرأة الحديدية" مارجريت تاتشر بنفسها لحل الأزمة وترويض الهوليجانز، واستخدمت كل نفوذها كرئيسة لوزراء المملكة المتحدة فى هذا الوقت لإنهاء سيطرة الهوليجانز على الملاعب الإنجليزية.
بعد حادثة "هيسل" الشهيرة باشرت "تاتشر" بنفسها وضع القوانين التى تجرّم الشغب فى الملاعب الإنجليزية، وخرج القانون للنور بعد شهرين فقط من الحادثة، بعدما اعتمده مجلس العموم البريطانى ووضع مواد صارمة ضد شغب الملاعب تتراوح مدة الحبس فيها بين ستة أشهر وخمس سنوات، وانفصل قانون شغب الملاعب عن قانون الشغب الجنائى المنصوص عليه فى بريطانيا.
قانون شغب الملاعب الذى وضعته "تاتشر" يجرم رفع أى لافتة مثيرة للتعصب أو العنصرية أو يدعو للشغب، وسبق أن عوقبت جماهير نيوكاسل فى مطلع التسعينيات بإغلاق مدرج كامل لمدة 6 مباريات، وتوقيع عقوبات مالية قاسية مع التهديد بالحرمان من الجماهير لفترة أطول بسبب لافتة مثيرة للعنصرية فى مباراة ضد توتنهام، ورحبت تاتشر بعقوبات الاتحاد الأوروبى على الأندية الإنجليزية وطالبت بتغليظها بعد حادثة جماهير ليفربول، فعوقبت جميع أندية بريطانيا بالحرمان من المشاركات الأوروبية خمس سنوات، وحرم ليفربول من المشاركة الأوروبية عشر سنوات، ولم تقم "تاتشر" الدنيا وتقعدها لمعاقبة أندية ليس لها أى ذنب وهى باقى الأندية الأوروبية باستثناء ليفربول، وهى كانت المرأة القوية فى أوروبا كلها وبإمكانها الضغط على الاتحاد الأوروبى لتقليل العقوبات، لكن ما قامت به هو العكس تمامًا فقد دعت هى بنفسها لتغليظ العقوبات على أندية بلادها لتنهى الشغب وتضرب بيد من حديد لإنهاء تلك الظاهرة.
ويسمح قانون شغب الملاعب البريطانى بوجود الخيول والكلاب البوليسية فى مدخل كل ملعب، ويسمح بالتفتيش الذاتى لجميع المشجعين وتوجد أجهزة كشف للمعادن فى جميع البوابات حرصًا على حياة الجماهير.
الانضباط والجمال الموجود فى الدوري الإنجليزى حالياً هو حصاد لما زرعته "تاتشر"، حسب ما كتبه الزميل محمد البنهاوى على موقع سوبر كورة فى مايو 2017، الجماهير تجلس فى الملاعب بدون فاصل (تراك) أو أسلاك تفصلهم عن الملعب مثل أمريكا الجنوبية، الكل يلتزم بالقوانين ويخشى العقاب.
وبعد علاج الظاهرة عندهم صدّروها لنا فى مصر وعانينا منها فترة طويلة، بل وتم استقطاب سياسى لهذه الروابط فى مصر ووقعت الجماهير فى العنف وكان من السهل تحريكها.
ولاتزال المؤامرة ضد مصر تسير ولكنها قد تتعثر أو يتم إبطاؤها مع بداية الوعى لدى الشعب إلى أن يتم التغيير بالفعل، حيث إن الأحداث التى أعقبت ثورة 25 يناير من انفلات أمنى وانتشار للأسلحة البيضاء والنارية وعمليات نهب وسرقة للمحلات جعلت سلوك الشعب "سلبيا" تجاه الأحداث اليومية التى يشاهدها.
نعم تغيرت أخلاقنا إلا فيما ندر فاختفت صفات الجدعنة والشهامة والمروءة، التى كان يتميز بها الشاب المصرى، إلى الفكر الدينى الذى ازدهر فى عصر السادات الذى قال: "قديما فى الخمسينيات والستينيات كان يقال للشاب عيب ومش عيب، أما فى هذه الأيام فيقال له حرام ومش حرام"، حيث سيطر رجال الدين على عقول الشباب وتحكموا فى سلوكهم.
الخطة قديمة ويتم تحديثها باستمرار فظهور التيار الدينى من السلفيين والإخوان شكّل سلوك شريحة كبيرة من الشباب تأثروا بهم، ما أدى إلى وجود انقسامات داخل المجتمع وانتشار التدين الظاهرى، والبُعد عن الشهامة والمروءة، ولا ننسى العشوائيات التى أخرجت جيلا من الشباب والأطفال انتهجوا سلوك الفوضى الذى أصبح منهج وأسلوب حياة لهم، فانتشار العشوائيات والمخدرات والبلطجة أنتجت شخصًا سلبيا تجاه المجتمع، فضلا عن أن مصر مسجلة أعلى نسبة مشاهدة للمواقع الإباحية وحالات التحرش التى غيّرت من شخصية المواطن المصرى، كل هذه وسائل استخدمتها دول أجنبية معادية فى تغيير الشخصية المصرية عن طريق معلومات قامت بتحليلها ودراستها لاستخدامها فى حربها ضد مصر.
كنا فى الماضى نتأثر لحادث أو منظر الدم لكن عقب 25 يناير، وما أعقبها من مشاهد وأحداث عنف وصور دموية لم يكن يعتاد ولم يشاهدها من قبل المواطن المصرى أدخل الخوف فى قلبه، وجعله يتراجع عن التدخل لفض أى مشاجرة أو خلاف بين المواطنين فى الشارع خوفا من تعرضه لإيذاء بدنى بسبب انتشار البلطجية والانفلات الأمنى.
نعم كانت لأحداث 25 يناير أثر كبير فى تغيير سلوك المواطن المصرى وانحطاط الأخلاق بسبب الأحداث والمشاهد المؤسفة التى أعقبت قيام الثورة من إهانة رموز الدولة والفوضى والغوغائية والنهب والسرقة والعنف الدموى الذى أعقبها.
وبالتالى لا تستغرب من عربة قطار بها ما يقارب من مائة مواطن وتحدث أمامهم مشاجرة بين كمسارى وراكب بسبب 70 جنيهًا ولا يستطيع أى راكب بدافع الشهامة أن يدفع المبلغ، مع أن أغلب الركاب إن لم يكن كلهم لابد أن يكونوا ميسورين لأنهم في قطار "V.I.B" ولو قام كل راكب بدفع جنيه واحد لأنقذوا حياة إنسان وللحديث بقية.