جرت العادة أننا لا نهتم بما يجرى فى العالم من أبحاث علمية أو ابتكارات، لكن المفارقة أننا لا نعرف عن أبحاث تجرى بمصر، ونعرف عنها من الخارج، ونقد الإعلان عن نجاح فريق مصرى فى التوصل لعقار حديد يعالج التهاب الكبد الوبائى الفيروسى. وهى نقطة ضوء كبيرة لكن المفارقة أننا علمنا بتفاصيل هذا الأمر كله من الخارج، الدواء يخفض تكلفة العلاج عالميا، وفقا لما أعلنته المنظمة الدولية للأمراض المستعصية، فى المؤتمر العالمى لأمراض الكبد المنعقد فى برشلونة بإسبانيا. وهناك أبحاث إضافية على المرضى فى دول آسيوية تتشابه معنا فى نوع الفيروس. وربما نحتاج لمعرفة المزيد من المعلومات عن الفريق البحثى الذى عمل وتوصل إلى هذا الدواء المهم.
الدواء الجديد تم اختباره بنجاح وحقق نسبة شفاء %100 يتوقع أن يطرح فى الأسواق خلال سنة، وهو أقل فى التكلفة عن الأدوية الأمريكية والأوروبية، و بأسعار لا تتجاوز 300 دولار للكورس، وهو أقل من ربع سعر الأدوية الأمريكية والأوروبية، ويتوقع أن يكون متوفرا خلال عام، بديلا للأدوية الحالية.
الخبر مبشر لأنه يتعلق بملايين المصريين الذين كان الفيروس يلتهم أكبادهم طوال عشرين عاما وزيادة، ومثل السوفالدى ثورة فى علاجات الكبد أنقذت ملايين المرضى، وكان توفيره بسعر مناسب إحدى ميزات النظام الصحى.
لكن المشكلة أن الفيروس لدينا يختلف مع باقى الفصائل فى العالم، وبالتالى عجز السوفالدى عن علاج كثيرين بمصر، وربما ينجح الدواء الجديد فى علاج المزيد من المرضى. وقد كانت الأسعار الباهظة لأدوية الكبد الوبائى حائلا دون علاج مئات الملايين عبر العالم من المرضى. بالإضافة إلى أن الشركات الكبرى تفرض سرية على أبحاثها، وأحيانا تؤخر طرح بعضها حتى تحقق أرباحها من الأدوية الموجودة.
المفارقة أننا علمنا أنباء الدواء المصرى من الصحف الأوروبية، وهى عادة لكوننا لا نهتم كثيرا بما يجرى فى العالم من أبحاث أو ابتكارات لعلاج الأمراض المستعصية. بالرغم من أن الفيروس الكبدى أحد أخطر الأمراض التى قتلت ملايين المصريين خلال ثلاثة عقود على الأقل. ومن بين 150 مليون مريض حول العالم، والتقديرات تشير إلى أن هناك 10 ملايين على الأقل فى مصر.
كل هذا يشير إلى وجود فريق نجح فى تطوير الدواء، وسط ظروف بحثية معقدة، لكن الأمر كله يمثل نقطة ضوء، بعيدا عن كثير من المدعين. وتبقى المفارقة أننا علمنا بأمر الدواء المصرى من الخارج قبل أن نعلمها هنا.