فيلم "الباب المفتوح" كان العمل السينمائى الثالث والأخير للمايسترو صالح سليم مع عالم الفن، ووافق عليه فقط بعد أن طلبت منه سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة المشاركة بالفيلم، حيث إنها كانت ترتبط بصداقة عائلية معه، والفيلم من إنتاج عام 1963، وإخراج هنرى بركات، وشارك فى بطولته محمود مرسى وحسن يوسف، لكن الفيلم تعرض لانتقادات قاسية وصلت إلى حد وصف بعض النقاد الفنيين بأنه ممثل فاشل وإعطاء دور البطولة للمايسترو بأنه مؤامرة ضد بركات وفاتن حمامة نفسها، وبعدها حسم النجم الأهلاوى موقفه وقرر الاعتزال السينمائى رسمياً، بناءً على نصيحة المقربين منه الذين طالبوه بالتركيز مع النادى وعالم الساحرة المستديرة فقط.
ختمت المقال السابق فى سلسلة ثنائيات الكرة والسينما مع صالح سليم، بوجود نية لديه لعدم تكرار التجارب السينمائية، وهو ما تطرقت له فى المقدمة العابرة عن قصته السريعة مع فيلم "الباب المفتوح".
التزام المايسترو مع أضواء عالم السينما، ومدى قدرته على التمثيل من عدمه كان يصاحبهما جدلاً كبيراً سواء من النقاد الفنيين أو الشائعات التى عادة ما تطارد نجوم الفن، إلا أن الأبطال الذين شاركوه الأفلام التى لعب بطولتها، كان لهم رأى مخالف، فالفنانة الكبيرة الراحلة أمينة رزق والتى قامت بدور أمه فى "الشموع السوداء قالت عنه فى تصريحات عن التعاون معه :"كان رائعاً واقترب من مستوى المحترفين لدرجة أثارت دهشتنا جميعا لأن الممثل الجديد الذى يقف أمام الكاميرا لأول مرة غالبًا ما تظهر منه بعض الهنات، ولكن صالح سليم كان متمكنًا من التمثيل، لهذا رحنا نتساءل لماذا لم يستمر فى التمثيل؟، ولكن يبدو أن الكرة ومتابعة شؤونها أخذته وهذا من سوء حظنا وسوء حظ الفن والسينما".
كما علقت المطربة الكبيرة نجاة الصغيرة على تعاونها مع المايسترو فى بطولة "الشموع السوداء"، عندما صرحت لمجلة "الأهلى"، عام 2002: "كان يمتلك كاريزما من نوع خاص وحبه الجارف للنادى الأهلى تجعلك أهلاويا دون تردد، ورغم نجوميته التى تفوق نجوم السينما فإننى شعرت فى أول لقاءاتى معه بأنه شخص يمتاز بصفات نادرة منها الانضباط والدقة فى الحضور المبكر والحرص على الأخذ بوجهات نظر الآخرين دون جدل، وكان عندما يتلقى التهانى من زملائه على نجاحه فى أداء دوره يرد بتواضع شديد ويعلق قائلاً: فيه أحسن من كده.. بس أنتم بتجاملونى".
على ذكر كلام المطربة الكبيرة عن المايسترو، فهناك واقعة طريفة خلال تصوير هذا الفيلم، حيث إنه كالمعتاد كان مثالا للالتزام بالمواعيد، ولكنه هرب إلى الإسكندرية خلال التصوير، بعد أن تكرر تأخر بعض نجوم الفيلم عن مواعيد التصوير، وفشل طاقم العمل فى الوصول إليه وقتها بعد عودته، مما جعل عز الدين ذو الفقار مخرج الفيلم يطارده فى كل مكان عن طريق ورديات لمساعديه أمام باب النادى الأهلى منزله، وعندما التقاه المخرج الكبير فيما بعد استرضاه ليعود للتصوير واستمع باهتمام لشكواه واكتمل الفيلم وعرض فى العيد آنذاك ونجح.
ومن أشهر الحكاوى التى شغلت الوسط الفنى والكروى حينها، الشائعة التى انتتشرت حول وجود علاقة حب نشبت بين صالح سليم ونجاة الصغيرة، وأنهما اتفقا على الزواج قريبًا، ولكن المايسترو والمطربة الكبيرة قاما بنفى الشائعة تمامًا، مؤكدين أن علاقتهما لا تتجاوز زمالة العمل فقط، وكانت تلك الشائعة لها عامل كبير فى التفكير بعدم المشاركة فى أى أعمال فنية أخرى.
إشادة أمينة رزق وزمالة نجاة لم تمح الانتقاد الذى قاله الكاتب الكبير لويس جريس فى حق "الممثل" صالح سليم، حيث نجد لويس جريس المشهور بالحنو على الآخرين وأنه عادة لا يكتب كلاماً جارحاً، لم يستطع هذه المرة أن يقاوم نزعة الصدق والموضوعية فى كلماته، فكتب فى مجلة صباح الخير: "نجم الكرة اللامع أصابته الخيبة فى مجال السينما، المسكين جذبته الأضواء حتى صرعته وتركته للجمهور، والذى استرعى انتباهى ليلة الافتتاح أن الجمهور من معجبيه الكرويين لما يحاسبه على هفوته.. بل استقبلوه بالهتاف والتصفيق ولكنهم همسوا لبعضهم بأنه ممثل فاشل"، مختتماً مقاله: "ولعل الكثيرين من أصدقائه سينصحونه بالابتعاد عن السينما، لأنه لا يصلح لها، وكفاه أنه لُدغ من جحر واحد مرتين".
إذن الانتقادات والشائعات التى طاردت صالح سليم بعد دخول عالم السينما، كان لهما أثر بالغ فى اتخاذه قرار الابتعاد عن التمثيل بعد فيلم "الباب المفتوح"، والتركيز فقط مع عالم "الساحرة المستديرة"، فعلى الرغم من شهادة ممثلة كبيرة مثل أمينة رزق وكلام نجاة الصغيرة عنه والتزامه الشديد، إلا أنه لم يجد نفسه فى عالم الصورة والشاشة الكبيرة وسأل أضواء السينما الرحيل.. للحديث بقية.